أما علمت أن الله تعالى أمر نبيه بإخلاص العبادة له، كما نهاه أن يدعو غيره فقال: ﴿فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ، أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾ [الزمر - ٣] وقال في آخر السورة: ﴿قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ﴾ [الزمر - ٦٤] .
وقد دعا ﷺ إلى إخلاص جميع أنواع العبادة لله، وخلع الأنداد التي كانت تعبدها أهل الجاهلية من صنم وغيره، وجاهدهم على ذلك حق الجهاد، وناظر النصارى في عبادتهم المسيح بن مريم ﵉، وأنزل الله تعالى النهي عن دعوة الأنبياء والصالحين والملائكة فقال: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلًا﴾ [الإسراء - ٥٦] والآيات بعدها نزلت فيمن يدعو المسيح وأمه والعزير والملائكة في قول أكثر المفسرين من السلف.
فمن بلغته هذه الأدلة وظن أن رسول الله ﷺ يرضيه الإعراض عن سؤال ربه والرغبة إليه ورجائه١ والاعتماد عليه: فقد ظن برسول الله ﷺ ما هو بريء منه، كما برأه الله تعالى بقوله:
_________
=رواه بعضهم عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد عن النبي ﷺ نحو هذا. وروى أشعث بن سوار عن عطية عن أبي سعيد الخدري عن النبي ﷺ نحوه. اهـ. وقد روى الإمام أحمد ٢/٣٣٦ حديث أبي هريرة باللفظ الذي ذكره المصنف "يخرج عنق من النار يوم القيامة له..إلخ" من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة ... به وسنده جيد، والأعمش إذا عنعن عن مثل أبي صالح قبل حديثه.
١ في طبعة نصيف: "رجاؤه".
1 / 40