ثم قاد الوصية قوم من اليهود، وزعموا أن الوصية انتهت إلى ولد داود، فجعلوا الوصية في ولد داود، وجعلوها وراثة، وزعموا أنه يرث ابن عن أب، وهم بالعراق يقال لهم : رأس الجالوت، يدفعون إليه خمس أموالهم، وعن الذكر البكر من الولد والمواشي والدوآب، وإذا ذبح ثور حمل إليه درهم قفلة، وثلث وثمن كبده، وإذا تزوج أعطاه أربعة دراهم قفلة، وإذا بنى أحدهم دارا أعطاه مثل ذلك، وإذا تزوج لا يقدر أن يطلق إلا بأمره، أو أمر وكيله، فإذا طلقها أخذ منه أربعة دراهم قفلة، وعليه أن يربي أولاد الزنا من اليهود، ومن لا يعرف له أب حتى يكبر، فإذا كبر كان مولاه إن شاء أعتقه، وإن شاء باعه، وهم الذين يحملونه إذا خرج من منزله لا يتركونه يمشي، ويقولون : إن اليهود فيئهم، فإن أيديهم أطول من أيدي الناس، وأنه يبلغ الركبتين، إذا استوى قائما، كذبا وزورا، واسمهم: رأس الجالوت. ويزعمون أن موسى وهارون سيرجعون إلى الدنيا، فتكون لهم الدولة على المسلمين. وكل نبي بعثه الله في بني إسرآئيل من غير هؤلاء ونسلهم كذبوه وقتلوه، وقالوا : بأنه لو كان نبيئا لكان من ولد هؤلاء ونسلهم، الذين قادوا فيهم الوصية، فقال الله سبحانه تصديق ما قلنا :{أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون} [البقرة:87] فقد ارتكبت هذه الأمة ما ارتكبت بنوا إسرآئيل القذة بالقذة، والحذو بالحذو كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
فرحم الله عبدا تفهم ونظر لنفسه قبل لقاء الله، ونظر في سنة الماضين، وما ارتكبوا من البدع والضلالة، وما جحدوا من الحق والبيان، وحذر أن يكون كأحدهم.
مخ ۴۲۵