وأما قولكم : إنه يعلم ما نفعل، ويعلم ما بسرائرنا، ونحن نرى فيكم شراب الخمور، ونرى فيكم الزنا واللواط، وأخذ أموال الناس، وظلم العباد، والتقاطع والجفاء، والمسير بغير ما أمر الله والقتل! وزعمتم بأنه يعلم منكم هذه الخصال، إذ زعمتم أنه يرى أفاعيل العباد، وهو يتولاكم على هذه الخصال، التي فيكم، فإن كان يتولاكم على هذا فليس من الله في شيء، لقول الله تبارك وتعالى :{ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار} [هود: 113]. وقوله :{فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا} [النجم: 29]. وقوله :{لاتجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوآدون من حآد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم} [المجادلة: 22]. وقال تبارك وتعالى :{يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم} [التوبة: 73، التحريم: 9]. وقال لنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم :{واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا} [الكهف: 28]. فقد أمره الله سبحانه أن لا يتولى أصحاب الدنيا، ويصبر على الذين يريدون الآخرة، فلم نر من صاحبكم إلا طلب الدنيا، مجتهدا للمكاثرة، وإن كان وصفقم من الأشياء ما ليس فيه !
مخ ۴۱۶