أو ما ينبغي للجاهل أن يعلم أن الأئمة الراشدين، والسلف المتقدمين لم يشترطوا عند أخذ الجزية، وعقد الذمة عدم الافتراء على النبي صلى الله عليه وسلم وأمته، إلا لأن ذلك عندهم أعظم في العيون، وأجل في الصدور من أن يحتاجوا إلى تخليده في الكتب، وإلى إظهار ذكره بالشرط، وإلى تثبيته بالبينات، بل لو فعلوا ذلك لكان فيه الوهن عليهم، والمطمعة فيهم، ولظنوا أنهم في القدر الذي يحتاج فيه إلى هذا وشبهه.
وإنما يتواثق الناس في شروطهم، ويفسرون في عهودهم ما يمكن فيه الشبهة، أو يقع فيه الغلط، أو يغبى عنه الحاكم، وينساه الشاهد، ويتعلق به الخصم، فأما الواضح الجلي، والظاهر الذي لا يخيل فما وجه اشتراطه، والتشاغل بذكره.
مخ ۳۱۹