ومما يسألون عنه في محكم كتاب الله أن يقال لهم: أخبرونا(1) عن قول الله سبحانه: {يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما} [النساء: 26 27]، أفليس إنما أراد الله البيان والتوبة والهدى، وأراد الكافرون الزيغ والردى؟ فإن قالوا: نعم؛ رجعوا إلى الحق وتركوا قول الباطل. وقالوا بقول أهل العدل. وإن قالوا: بل الله الذي أراد الميل وقضى به عليهم؛ خالفوا الله في قوله، واستوجبوا منه العذاب.
***
ومما يسألون عنه أن يقال لهم: أخبرونا عن قول الله عز وجل: {تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة} [الأنفال:67]، أليس قد أخبر الله تبارك وتعالى أنهم يريدون غير ما أراد، وأنهم يفعلون غير ما يشاء؟ فإن قالوا: نعم؛ تركوا قولهم ورجعوا إلى العدل.
وإن قالوا: إنهم لا يشاؤن إلا ما شاء(2) الله، ولا يريدون إلا ما أراد الله خالفوا الله في قوله؛ لأن الله قد أخبر أنهم يريدون الدنيا وأنه يريد الآخرة، والدنيا غير الآخرة؛ فكذلك إرادة الدنيا غير إرادة الآخرة. ومن زعم أنهم أرادوا ما أراد الله؛ فقد زعم أنهم أرادوا الاخرة، وفي ذلك رد كتاب الله؛ لأن الله يقول: {تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة} [الأنفال: 67].
***
مخ ۵۴۰