فليس علة الحركة حركة ، ولا علة المتحرك متحركا ، فما فوق الطبيعة ( 1 ) ليس متحركا . وهذا القول صواب ، إن شاء الله ، لأنه ليس فوق الطبيعة من المحدثات إلا العدم ، والله عز وجل فوق الحركات والسكون ، لا تأخذه صفة حركة ولا سكون . فهذا صواب من الوجهين .
11 - قال : وقد ينبغي أن لا يطلب في إدراك كل مطلوب الوجود البرهاني ، لأنه ليس كل مطلوب عقلي موجودا بالبرهان ، لأنه ليس لكل شيء برهان ، إذ البرهان بعض الأشياء ( 2 ) ، ولو كان للبرهان برهان لكان هذا بلا نهاية ( 3 ) ولم يكن لشيء وجود بتة ، لأن ما لا ينتهي إلى علم أوائله فليس بمعلوم ، فلا يكون علم بتة [ 94 و ] .
12 - [ قال ] محمد : هذا كقوله لا ينبغي أن يطلب ما فوق الهيولي بالتمثيل . ونعم ما قال إن شاء الله ، لأن البرهان هو النور في نفس اللفظة ، فإدراك هو كإدراك البصر نور واضح لا يحتاج إلى برهان . فلو قال قائل : ما البرهان أن هذه السماء وهذه الأرض قيل له : لو أجبناك على ذلك ببرهان طلبت على البرهان برهانا إلى ما لا نهاية له ، ولكن هذا برهانه ، لأن ما ذهب في إدراك البرهان إلى إدراك الطبيعة وإدراك الحواس نسميه إقناعا .
13 - قال الكندي : فلا ينبغي أن يطلب الإقناع في العلوم الرياضية ، بل البرهان ، لأنا إن استعملنا الإقناع في العلم الرياضي كانت إحاطتنا به ظنية ( 4 ) .
14 - [ قال ] محمد : ثم خلط أنواع المطلوبات خلطا ما هو بمحصل لأنه قال : فلا يطلب في العلم الرياضي إقناع ، ولا في العلم الالإهي حس ولا تمثيل ، ولا في أوائل العلم الطبيعي الجوامع الفكرية ولا في الإقناعية ( 5 ) برهان ، ولا في أوائل البرهان برهانا .
مخ ۳۶۶