علة داخلة في الحال سوى ما ذكرنا فليأت على ذلك بسلطان بين : { فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا } ( الأنعام : 144 ، الأعراف : 37 ، يونس : 17 ، الكهف : 15 ) بأن سماه علة فأدخله بزعمه في حال العلل التي هو عنها متعال في وجود كل ذي عقل ، وهو محدث العلل وواضعها ومدخلها بالاسم والحال ، بلا تبديل لها ما دامت كائنة ، كما وضعها عليه في البدء ، إقامة لدلائل الضرورة فيها ، وإبانة لنفسه عنها بالارتفاع عليها سبحانه وبحمده { تعالى } عما يقول المبطلون علوا كبيرا .
25 - ثم يقال له : هل هي علل إلا لأنها بحال هي بد للمعلولات علل ( 96 و ) موضوعة بذلك البتة ، وأن ذلك حال الفاضل لها من كل معلول خرج منها ويكون من أجلها ، وأنها ليست بأولى بأنفسها منها بإخراج المعلول بتة فهذا بيان الضرورة فيها إن أقررت ، وإن أنكرت جحدت العلل والمعلولات والمتعارف المعقول منها .
26 - فإن قال : سماه علة ، عز وجل ، لأنه للعل بحالها [ ما ] هي لغيرها على مثل سواء ، فهذا الكذب الصراح ، فليأت عليه بسلطان بين ، لأن الحال لا تلزمه ولا تستطيع أن تلحقه صفتها من جهة من الجهات أبدا .
27 - فإن قال : فهل هي للعلل ببعض ما هي لغيرها . قيل له : سبحان الله عن التبعيض والتجزئة ، أو أن يكون نفسه لغيره لا لنفسه ، فإن ظهر له نفي جميع ذلك عنه ، كما هو أهله عز وجل ، بالحقيقة الظاهر ( 1 ) نورها لكل ذي هدى وإنصاف . فما سبيله إذن إلى أن يسميه علة يجب لإيجابه شيء سواه ، كما وجبت أن تكون المعلولات لأجل العلل ، وأن تكون العلل لأجل المعلولات الواجبة منها ضرورة ، وانعطف بعض الخلق على بعض وانحصر في نفسه بما حده له خالقه ، ولم يكن له أن يجاوز الحادث إلى القدم ، ولا المحصور إلى المطلق ، ولا المخلوق إلى الخالق ، إنما نفع اسم من كتب نبوة أو حجة فطرة ، فإن أقر بالنبوة فليس هذا الاسم منها ، وإن ذهب إلى حجة العقول ، فقد ظهر به نفي ذلك عنه سبحانه .
28 - وإن سأل السائل عن حال العلل فقال : وما الحال التي من أجلها صارت عللا ، فلا يجب لتلك الحال أن يكون الباري علة المعلول قيل له : الاشتراك في
مخ ۳۷۲