والتحري، والتحفظ بعيدًا عن المجازفة والإسفاف في القول، والتهور والتسرع في إصدار الأحكام، مما يفيدنا نحن في التريث والتثبت حينما نريد أن نُقْدِم على إصدار حكم، أو إعطاء إجابة على شيء ما.
وليس هذا غريبًا على البخاري المعروف بسداد الرأي، وقوة العلم، وخدمة السنّة النبويّة، لا سيما وهو في مستوى العالم العامل المجرب الذي منحه الله نفاذًا في البصر، ونورًا في البصيرة.
فمن أجل ذلك تراه يجيب في بعض الأحيان بالاحتمال أو التخمين من غير قطع أو جزم، فيقول: يحتمل كذا، وأرى كذا.
كما تراه يقف على بعض السؤالات ولا يتعاظم أن يقول بملء فيه: لا أدري عن كذا، أولا أعرف ذا، من غير أن ينقص ذلك من معارفه الواسعة أو يمس مقداره، وهذا هو شأن كثير من كبار المحدثين، فإنهم لم يدعوا الإحاطة والمعرفة بكل شيء، مما يعطي انطباعًا حسنًا عن حال سلفنا الصالح في عدم تحمل الإجابة والإقدام عليها بغير علم، "وإنهم يريدون بعلمهم وجه الله تعالى؛ فإن من يريد غير وجه الله