النوع الثاني: على العكس من سابقه، ويمثل غالبية الأسئلة؛ إذ لا يحدد طلبا معينًا في الحديث، فنجد الترمذي يطلق السؤال عن حكم الحديث عمومًا، فيقول مثلا: "وسألت محمدًا عن هذا الحديث".
هذا وأما بالنسبة للأجوبة فإنها تتسم بالدقة والعمق والإيجاز الشديد الذي يعرف به البخاري، مما يحتاج معه إلى تأمل طويل، وتدبر قوي على أنها أحيانًا اقتصرت على التلويح دون التصريح، كما هي عادة البخاري، قال المعلمي في مقدمة تحقيقه لكتاب "موضح أوهام الجمع والتفريق"١ للخطيب البغدادي: "وللبخاري ﵀ ولع بالاجتراء بالتلويح عن التصريح كما جرى عليه في مواضع من "جامعه الصحيح" حرصًا منه على رياضة الطالب، واجتذابًا له إلى التنبيه، والتيقظ، والتفهم".
والحقيقة أن ذلك أتعبني جدًا، وأخذ مني جهدًا عظيمًا ووقتًا كبيرًا في فهمها، وفي معرفتها، وحلها، ومن ثَمّ بسطها، والكشف عن مراميها.
ولا أذيع سرًا إذا قلت: إن البخاري كان موفقًا جدًا في إجاباته، وعلى جانب عظيم من الورع، والتواضع، والحيطة،