وكان يمكن أن يظل «الشيخ سيد» مغمورا خامل الذكر، لولا أنه جر على نفسه المتاعب، من كان يصدق أن سيرته يمكن أن تتجاوز الفلاحين، وعمال الطرق، وجامعي الدودة، وأطفال المدرسة الأولية، إلى أسماع السلطات؟ لا شك أن الشيخ سيد هو الذي جنى هذا على نفسه، فلولا طيشه وسوء تدبيره لما وضع رجله في النقطة ، لقد أتعب الرجال الثلاثة (الذين ندبتهم النقطة من المديرية رأسا) في تقصي أحواله، ودوخهم بين الأسواق والغيطان والجوامع والشوارع، فقد دأب على السير بين الفلاحين والتجار الوافدين على القرية في أيام السوق، والهتاف بصوت عال: «يحيا العدل».
وبالطبع لم يكن أحد ينتبه إليه، أو يسأل عن معنى ما يقول، فقد اشتهر عنه أنه قد صار من أحباب الله، ولو أنه اقتصر على هذا الهتاف وحده ما كان في الأمر ما يدعو إلى القلق، فلقد ضبطوه في بعض الأحيان وهو يهتف: «يسقط النظام».
ويوما علمت أنه قد مثل أمام ضابط النقطة، وكان كعادته حافي القدمين مهلهل الثياب، منفوش الشعر، طويل اللحية، قال له الضابط وهو يتفرس في وجهه: اسمك؟
ابن السلطان.
ماذا؟
فمال أحد المخبرين على أذنه وهمس فيها شيئا، وعاد ضابط النقطة يسأله: وأبوك، أين هو؟
فأجاب «الشيخ سيد» دون تردد: في الشرق.
في الهند مثلا؟
فهتف الشيخ سيد: لا، في الصين!
لم يستطع الضابط أن يكتم ضحكه فأقبل عليه، وقد زاد اهتمامه بأمره. - عال، عال، وأين تقع الصين؟
ناپیژندل شوی مخ