وقل ما يكون عشق بين اثنين يتساويان فيه إلا عن مناسبة بينهما في الشبه في الخلق والخلق وفي الظرف، أو في الهوى أو الطباع. ولذلك ما نرى الحسن يعشق القبيح، والقبيح يحب الحسن ويختار المختار الأقبح على الأحسن، وليس يرى الاختيار في غير ذلك فيتوهم الغلط عليه، لكنه لتعارف الأرواح وازدواج القلوب.
ومن الآفة عشق القيان على كثرة فضائلهن، وسكون النفوس إليهن، وأنهن يجمعن للإنسان من اللذات ما لا يجتمع في شيء على وجه الأرض.
واللذات كلها إنما تكون بالحواس، والمأكول والمشروب حظ لحاسة الذوق لا يشركها فيه غيرها. فلو أكل الإنسان المسك الذي هو حظ الأنف وجده بشعا واستقذره، إذ كان دما جامدا. ولو تنسم أرواح الأطعمة الطيبة كالفواكه وما أشبهها عند انقطاع الشهوة، أو ألح بالنظر إلى شيء من ذلك، عاد ضررا. ولو أدنى من سمعه كل طيب وطيب لم يجد له لذة.
مخ ۱۷۰