وانطلق إيرليس برسالته إلى أخيل؛ فاهتز البطل من نشوة الطرب، وشاعت الكبرياء في أعطافه؛ لأنه سينال شرفا لم ينله أحد من قبل؛ وذلك بأنه سيدرع بقميص مينرفا، المسرودة من حديد!
وعندما نهض ليلبس الدرع رأى مينرفا نفسها تساعده بيديها الطاهرتين النقيتين كالبلور، وتضع فوق جنينه إكليلا وضاء من الذهب، ثم تقوده إلى الساحة!
وهناك وقف أخيل العظيم فوق ربوة عالية تشرف على الساحة كلها، ثم أرسل في الآفاق صيحة مدوية، كانت تنفخ فيها مينرفا فتزيدها قوة وعنفوانا، فزلزل قلوب الطرواديين وجعلها تدق في صدور ذويها كالنواقيس!
وما كاد الأعداء يستيقنون أن الصيحة صيحة أخيل، وما كادوا ينظرون إلى هذه الآراد المنشرة فوق رأسه والأضواء المتلألئة من إكليله حتى سقط في أيديهم، وارتعدت فرائصهم، وولوا على أعقابهم مدبرين! وكانت خيولهم المذعورة تولي هي الأخرى فتطأ الفرسان هنا وهناك وتسقط في الخنادق المحيطة بطروادة، فتلقى فيها حتفها بمن عليها!
وتورات الشمس بالحجاب.
فتحاجز الجمعان وذهب كل ليستريح من هذا اليوم العصيب.
وكانت صيحة أخيل أكبر عون لمنلوس وزميله في الإسراع بجثة بتروكلوس إلى مؤخرة الجيش، حيث الأمان والاطمئنان؛ فلما عاد أخيل كانت جثة صديقه أول ما وقع بصره عليه ... فبكى ... وبكى ... واجتمع حوله الميرميدون يبكون.
ثم رثاه بكلمة دامعة، ترجمت عن نفس مكلومة؛ وأمر فأوقدت نار كبيرة وضع عليها دست ماء كبير؛ وأخذوا جميعا في غسل الجثة المعفرة بالتراب، ودهنها بالطيوب ثم تحنيطها بالأفاويه والبهار والقرنفل، ولفوها في مدارج طويلة من الحبر الغاليات البيض. •••
واجتمع قادة الطرواديين يتشاورون في هدأة الليل، فخطب بعضهم
3
ناپیژندل شوی مخ