وتقدم أخيل فصافحه، ومنحه شرف القيادة العامة، وخطب الجنود، فقال: «إيه أيها الميرميدون، هذا يومكم!
لقد كنتم تنظرون إلى الساحة وبكم من الظمأ إلى اقتحامها ما لو أن بعضه بكم الآن لزلزلتم الجبال وخرقتم الأرض؛ ولقد كنتم تعذلونني فتقسون علي في أني احتجزتكم هنا، ووقفت في سبيلكم دون نصرة إخوانكم، فها هو الميدان أمامكم فاشفوا صدروكم، وأنقذوا أجاممنون مما حاق به، ولا يجرمنكم شنآنه ألا تغيثوه، أغيثوه فنصره عز لكم؛ شد الإله أزركم، وباركت الأرباب أسيافكم، وأحيت مجد الوطن بما أنتم قادمون عليه؛ سيروا على بركة زيوس، وفي حمى حيرا، وعين مينرفا تكلؤكم.»
وانطلق الميرميدون فانطوت الأرض من تحتهم، ورجف الوادي رجفة أجفل منها السهل والجبل؛ إذ كانوا ينسابون فلا يربعون على شيء، ويتدفقون فما تحجزهم لابة،
1
ولا يعوقهم جرف، وتسجد من دونهم حزون الأرض وآكامها.
وانتظم خميسهم؛
2
فبرز القلب تتبعه الميمنة، تلقاءها الميسرة، وهرول الجناحان فأخذا السبيل على جحافل الطرواديين.
ونفخ في البوق فانقض الميرميدون على مؤخرة الأعداء الظافرين، فبدلوا نشوة ظفرهم بأنكر سكرة الموت، وانطفأ في أبصارهم بريق النصر فكان أغطش من ظلام الهزيمة؛ ونظروا فرأوا تلك الخوذة المذهبة التي طال عهدهم بها، وحسبوا أنهم أصبحوا بنجوة منها، خوذة أخيل التي كانت تكفي وحدها لإلقاء الرعب في قلوب الطرواديين، وقذف الوجل في نفس كل منازل أو مناجز.
وتصايح بعضهم ببعض: «يا للهول يا صاح! لقد أقبل أخيل! النجاء والنجاء! أين كان الطاغية ...؟» ثم تنادوا يحذر بعضهم بعضا: «أيها الطرواديون! خذوا حذركم! الفرار الفرار من الداهية الجبار! لقد قطع الميرميدون رجعتنا! دعوا الهيلانيين وانشدوا خلاصكم، إلى البوابة العظمى! أيها المقاتلون! لا تزحموا الجسر! القهقرى القهقرى ...!» إلى آخر هذه النداءات المنزعجة الواجفة ...
ناپیژندل شوی مخ