ثم بلغني من بلاد متفرقة أن العوام بالغوا في الطعن بهذه المسألة، وشدوا الرحال للحكم بالتفسيق والإضلال، وطلب مني بعض الأحباب أن أكتب في هذا الباب رسالة وافية بتحقيق المراد، كافية لاختيار السداد، أذكر فيها الأحاديث الواردة في هذه المسألة، وأفصل مذاهب الأئمة وفقهاء الأمة، وأبسط فيها مذهب الحنفية، وأشيد أركان الملة الحنيفية، وأدفع ما طعن به الجاهلون الخامدون على ذي المناقب الشريفة الإمام أبي حنيفة الذي قال عبد الله بن المبارك(1) في حقه على ما هو المشهور، وقوله قول منصور:
لقد زان البلاد ومن عليها
إمام المسلمين أبو حنيفة
بأحكام وآثار وفقه
كآيات الزبور على صحيفة
فما في المشرقين له نظير
ولا في المغربين ولا بكوفة
يبيت مشمرا سهر الليالي
وصام نهاره من خيفة
فمن كأبي حنيفة في علاه
إمام للخليقة والخليفة
رأيت العائبين له سفاها
خلاف الحق مع حجج ضعيفة
وكيف يحل أن يؤذى فقيه
له في الأرض آثار شريفة
وقد قال ابن إدريس(2) مقالا
صحيح النقل في حكم لطيفة
بأن الناس في فقه عيال
مخ ۱۲