340

قواعد التحديث

قواعد التحديث

خپرندوی

دار الكتب العلمية-بيروت

د خپرونکي ځای

لبنان

أو راويه مجهول، ونحو ذلك ويكون غيره قد علم صحته وثقة راويه فقد زال عذر ذلك في حق هذا، ومن ترك الحديث لاعتقاده أن ظاهر القرآن يخالفه، أو القياس أو عمل لبعض الأمصار وقد تبين لآخر أن ظاهر القرآن لا يخالفه، وأن نص الحديث الصحيح مقدم على الظواهر ومقدم على القياس، والعمل لم يكن عذر ذلك الرجل عذرًا في حقه فإن ظهور المدارك الشرعية للأذهان، وخفاءها عنها أمر لا يضبط طرفاه لا سيما إذا كان التارك للحديث معتقدًا أنه يترك العمل به المهاجرون والأنصار أهل المدينة النبوية، وغيرها الذين يقال إنهم لا يتركون الحديث إلا لاعتقادهم أنه منسوخ، أو معارض براجح وقد بلغ من بعدهم أن المهاجرين والأنصار لم يتركوه بل قد عمل به بعضهم أو من سمعه منهم، ونحو ذلك مما يقدح في هذا المعارض للنص، وإذا قيل لهذا المستفتي المسترشد أنت أعلم أم الإمام الفلاني كانت هذه معارضه فاسدة لأن الإمام الفلاني قد خالفه في هذه المسألة من هو نظير من الأئمة، ولست من هذا ولا من هذا ولكن نسبة هؤلاء الأئمة إلى نسبة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وأبي ومعاذ ونحوهم إلى الأئمة وغيرهم، فكما أن هؤلاء الصحابة بعضهم لبعض أكفاء في موارد النزاع فإذا تنازعوا في شيء ردوه إلى الله ورسوله، وإن كان بعضهم قد يكون أعلم في مواضع أخر، وكذلك موارد النزاع بين الأئمة، وقد ترك الناس قول عمر وابن مسعود ﵄ في مسألة تيمم الجنب وأخذوا بقول أبي موسى الأشعري ﵁ وغيره لما احتج بالكتاب والسنة، وتركوا قول عمر في دية الأصابع، وأخذوا بقول معاوية بن أبي سفيان لما كان من السنة أن النبي ﷺ قال: "هذه وهذه سواء" وقد كان بعض الناس يناظر ابن عباس ﵄ في المتعة فقال له قال أبو بكر وعمر فقال ابن عباس يوشك أن ينزل عليكم حجارة من السماء أقول قال رسول الله ﷺ وتقولون قال أبو بكر وعمر، وكذلك ابن عمر ﵄ لما سألوه عنها فأمر بها فعارضوه بقول عمر فبين لهم أن عمر لم يرد ما يقولونه فألحوا عليه فقال لهم أرسول الله ﷺ أحق أن يتبع أم عمر؟ مع علم الناس بأن أبا بكر وعمر أعلم من ابن عمر وابن عباس ﵃ ولو فتح هذا الباب لأوجب أن يعرض عن أمر الله ورسوله، وبقي كل إمام في أتباعه بمنزلة النبي ﷺ في أمته. وهذا تبديل للدين وشبيه بما عاب الله به النصارى في قوله: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ ١ والله سبحانه أعلم". ا. هـ. كلام الإمام تقي الدين قدس سره.

١ سورة التوبة، الآية: ٣٢.

1 / 354