البحث الثاني:
كل واحد من التصور والتصديق: إما أن يكون بديهيا مطلقا وهو باطل، وإلا لعلم كل عاقل كل العلوم. أو كسبيا مطلقا هو باطل، وإلا لزم الدور أو التسلسل أو يكون بعضه بديهيا وبعضه كسبيا وهو الحق.
وحينئذ فالبديهي من التصورات هو الذي لا يكون حصوله في العقل موقوفا على تجشم كسب، كتصور معنى الوجود والوحدة. والكسبي منه ما يقابل ذلك كتصور معنى الملك والجن.
والبديهي من التصديقات هو الذي يكون تصور طرفيه - أعني المحكوم عليه والمحكوم به - كافيا في الجزم باثبات أحدهما للآخر، كقولنا " الكل أعظم من الجزء " أو بنفي أحدهما عن الآخر كقولنا " النفي ليس باثبات ". والكسبي منها ما لم يكن كذلك، بل نحتاج في إثبات أحدهما للآخر أو نفيه عنه إلى وسط كقولنا " العالم حادث " و " الإله ليس بحادث ".
البحث الثالث:
التصديق إما أن يكون جازما أو لا يكون، والجازم إما أن يكون مطابقا أو فلا يكون، والمطابق إما أن يكون جزم العقل به لسبب أو لا يكون.
فالذي يكون لسبب فسببه إما الحس وحده وهي الأحكام الحاصلة عن الحواس الخمس، أو العقل وحده، فأما بأوليته، وهي البديهيات أو بنظره وهي النظريات، أو العقل والحس معا فإما إلى الحس الباطن وهي الوجدانيات كاللذة والألم أو الحس الظاهر، فأما الحس الظاهر فإما حس السمع وهي
مخ ۲۲