من الحقوق لا يعود"، وقاعدة أن "الباطل من العقود لا يقبل الإجازة"، وأن "إعمال الكلام أولى من إهماله" عندما يحتمل وجهين : وجها صحيحا وآخر باطلا.
كذلك هنا قواعد هي من الرسوخ محل اتفاق بين جميع الأئمة من الفقهاء وقواعد محل اختلاف بينهم تبناها بعضهم دون بعض.
وقد كان مجموع هذه القواعد إجمالا يمثل ثروة ذات بال من الفكر التشريعي، والميزان القضائي والمبادىء القانونية، وأسس النظام في حياة المجتمع.
ومنذ سنوات لقيني هذا الشاب الهندي القادم من ندوة العلماء في الهند (من الناشئين على يد المربي الكبير الشيخ الجليل، الداعية الإسلامي ، العلامة الجهبذ، الصالح المصلح، الأستاذ أبي الحسن علي الحسني النذوي أمد الله في حياته وأثره) في بيت الله الحرام، وعرفني بنفسه وأنه طالب في قسم الدراسات العليا في كلية الشريعة بجامعة أم القرى، واختار موضوع القواعد الفقهية لرسالة الماجستير التي يكتبها لنيل الدرجة الجامعية، وسالني عن شرح والدي رحمه الله على القواعد الفقهية - وكان إذ ذاك مخطوطا لم يطبع - وباحثني فيما كتبته أنا في القسم الأخير من كتابي "المدخل الفقهي العام" من سلسلة "الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد" عن القواعد الفقهية، عرضا وتصنيفا لها، وتأريخا لنشأتها وأطوار صياغاتها، وشرحا لمفاهيمها. وكانت له بعد ذلك لقاءات أخرى معي كلما جئت إلى مكة المكرمة في دورات لاحقة لمجمع الفقه الإسلامي، فوجدت منه في هذه القاءات المتكررة شابأ ذكيا، وذهنا واعيا، ودقة تمييز، وذاكرة حافظة، واطلاعا واسعا على مراجع تلك القواعد في المذاهب الفقهية، وتتبعا واستقصاء كان مثارا لاعجابي وتقديري، فحرصت على تأمين نسخة له مصورة من شرح والدي -رحمه الله - على القواعد الفقهية، كما أهديته نسخة منه مطبوعة بعد أن يسر الله تعالى لي طبعه ونشره، حتى بشرني أخيرا بأنه قد أتم رسالته هذه عن القواعد الفقهية، وأنها ستقدم لمناقشتها في جامعة أم القرى في وقت قريب، وأطلعني عليها أكتب له تقديما.
11
مخ ۱۰