قال حسين يجيب عن كمال؛ إذ طال به الصمت: المؤمن يستمد حبه لهذه القيم من الدين، أما الحر فيحبها لذاتها.
رباه متى أراك مرة أخرى؟ أما إسماعيل فضحك ضحكة وشت بانحراف تفكيره إلى ناحية جديدة، وسأل كمال: خبرني ألا زلت تصلي؟ وهل تنوي أن تصوم رمضان القادم؟
كان دعائي لها أمتع ما في الصلاة، وليالي هذا القصر أسعد ما في رمضان. - لم أعد من المصلين، ولن أكون من الصائمين. - وهل تعلن إفطارك؟
ضاحكا: كلا. - آثرت النفاق؟!
فقال ممتعضا: ليس من ضرورة تدعوني إلى إيلام الذين أحبهم.
فتساءل إسماعيل ساخرا: أتظن أنك بهذا القلب تستطيع أن تواجه المجتمع يوما بما يكره؟
كليلة ودمنة؟ بهجة الخاطرة غطت على الامتعاض، رباه هل عبرت على أساس الكتاب الذي لم يتبلور في ذهني بعد؟ - مخاطبة القراء شيء، ومخاطبة والدين على الفطرة شيء آخر!
فخاطب إسماعيل حسين وهو يشير إلى كمال قائلا: إليك فيلسوفا من أسرة عريقة في الجهل.
لن يعوزك أن تجد أصدقاء للهو واللغو، ولكنك لن تحظى لروحك بصديق يحاورها، فارض بالصمت أو حاور نفسك كالمجانين. وساد الصمت قليلا. وكانت الحديقة صامتة أيضا فلا نسمة تهفو. أما الورد والقرنفل والبنفسج فبدت وحدها سعيدة بالحر، وحسرت الشمس ثوبها المضيء عن الحديقة فلم يبق منه إلا حاشية في أعلى السور الشرقي. أنهى إسماعيل الصمت بأن التفت إلى حسين شداد، وسأله: ترى هل يتاح لك أن تزور حسن سليم وعايدة هانم؟
يا الله! خفقة قلب أم القيامة قامت في صدري؟ - عندما يستقر بي المقام في باريس، سأفكر حتما في القيام برحلة إلى بروكسل.
ناپیژندل شوی مخ