الخطابة في العامة، ومن لا يسبق خاطره إلى تصور المعنى في أول ووهلة، أما لبعده عن الذكاء والفطنة، أو لأن الموقف خاذل، يكثر فيه اللغط والضجة فيحتاج إلى إشباع المعنى وتوكيده وتكريره، لمن لم يمكنه السبق إلى تحصيله، إلا بالألفاظ المترادفة، وهي التي يدل الكثير منها على معنى واحد بعينه، مثل أن يقال في وصف السيف: الحسام الباتر، الجراز القاطع . وفي وصف الشجاع: البطل الفاتك النجد الباسل. وفي وصف الجواد: الخوق الباذل، الجم النائل الكثير الفواضل، الغزير النوافل، وفي سائر الأوصاف على ذلكا وهذا يقع في باب المكاتبات بالفتوح والعهود، والصكوك وعقود العهود(1)، وما جرى هذا المجرى.
وولهذا السبب قال بعضهم في وصف كاتب بليغ: (إن أخذ شبرا كفاه، وإن تناول طومارا أملاه)(2) يذهب بهذا القول إلى أن البليغ احتاج في موضع إلى الإطالة والإسهاب، كما يحتاج في آخر إلى الاختصار والايجاز، إلا أن أكثر ما هو عليه الناس في البلاغة أنها الاختصار وتقريب المعنى بالألفاظ القصار، حتى إذا سئل بعض الناس عن البلاغة فقال: "هي لمحة دالة"(3) وهذا مذهب العرب ووعادتهم في العبارة، فإنهم يشيرون إلى المعاني بأوحى إشار اويستحبون أن تكون الألفاظ أقل من المعاني في المقدار والكثرة.
ناپیژندل شوی مخ