وأردتم تضييق صدر لم يضق ... والسمر في ثغر النحور تحطم
وزحفتم بمحالكم لمجرب ... ما زال يثبت للمحال فيهزم
أنى رجوتم غدر من جربتم ... منه الوفاء وظلم من لا يظلم
أناذلكم لا البغي يثمر غرسه ... عندي ولا مبنى الصنيعة يهدم
كفوا وإلا فارقبوا لي بطشة ... يلقى السفيه بمثلها فيحلم
فلما بلغ ابن زيدون ما راجعهم به، وتحقق حسن مذهبه، وعلم أن مخيلتهم قد أخفقت، وسعايتهم ما نفقت، وسهامهم تهزعت، ومكائدهم تبددت وتوزعت، قال يمدحه ويعرض بهم: كامل
الدهر أن اسأل فصيح أعجم ... يعطي اعتباري ما جهلت فاعلم
وإذا الفتى قدر الحوادث قدرها ... ساوى لديه الشهد منها العلقم
وإذا نظرت فلا اغترار يقتضي ... كنه المال ولا توق يعصم
كم قاعد يحظى تعجل حظه ... من جاهد يصل الدروب فيحرم
وأرى المساعي كالسيوف تبادرت ... شاو المضاء فمنثن ومصمم
ولكم تسامى بالرفيع نصابه ... خطرا فناصبه الوضيع الآلام
واشد فاجئه الدواهي محسن ... يسعى فيلقه الجريمة مجرم
تلقى الحسود أصم عن جرس الرقى ... ولقد يصيح إلى الرقاة الأرقم
قل للبغاة المنبضين قسيهم ... سترون من تصميه تلك الأسهم
أسررتم فرأى نجي غيوبكم ... شيحان ملموم عليها ملهم
وعبأتم للفسق ظفر سعاية ... لم يعدكم إذ رد وهو مقلم
ونبذتم التقوى وراء ظهوركم ... فغدا نقيضكم التقي المسلم
ما كان حلم محمد ليحيله ... عن عهد دغل الضمير مذمم
ملك تطلع للخواطر غرة ... زهراء زين بها الزمان الأدهم
يغشى النواظر من جهير روائه ... خلق يرى ملء الصدور مطهم
وسنا جبين يستبين شعاعه ... يغني عن القمرين من يتوسم
خلق تود الشمس لو صيغت له ... تاجا ترصع جانبيه الأنجم
فضحت محاسنه الرياض بكى الحيا ... وهمى عليها فاغتدت تبتسم
فالغدر يبعد والتواضع يدني ... والبشر يشمس والندى يتغيم
مخ ۱۶