٣٤- وروى أحمد بإسناده: أن رجلا حمل وحده على العدو فقال الناس: ألقى بيده إلى التهلكة. فقال عمر: كلا بل هذا ممن قال الله فيه: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾ (البقرة:٢٠٧) .١
٣٥- وقوله تعالى: ﴿يَشْرِي نَفْسَهُ﴾ أي يبيع نفسه، فيقال شراه وبيعه سواء، واشتراه وابتاعه سواء، ومنه قوله: ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ﴾ (يوسف: من الآية٢٠) أي باعوه.
فقوله: ﴿يَشْرِي نَفْسَهُ﴾ أي يبيع نفسه لله تعالى ابتغاء مرضاته وذلك يكون بأن يبذل نفسه فيما يحبه الله ويرضاه، وإن قتل أو غلب على ظنه أنه يقتل.
_________
١ رواه ابن جرير (٤/٢٤٩ -شاكر) من حديث المغيرة بن شعبة ﵁ قال: "بعث عمر جيشا فحاصروا أهل حصن وتقدم رجل من بجيلة فقاتل فقتل فأكثر الناس فيه يقولون ألقى بيده إلى التهلكة قال فبلغ ذلك عمر بن الخطاب ﵁ فقال كذبوا أليس الله ﷿ يقول ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾ " وعزاه في كنز العمال أيضا (١١٣٢٨) لوكيع وعبد بن حميد وابن أبي حاتم.
ورواه البيهقي (٩/٤٦) عن مدرك بن عوف الأحمسي أنه كان جالسا عند عمر بن الخطاب ﵁ فذكروا رجلا شرى نفسه يوم نهاوند فقال: ذالك والله يا أمير المؤمنين خالي زعم الناس أنه ألقى بيديه إلى التهلكة، فقال عمر ﵁: "كذب أؤلئك بل هو من الذين اشتروا الآخرة بالدنيا".
ورواه ابن جرير (٤/٢٤٩ -شاكر) أن هشام بن عامر حمل على الصف حتى خرقه، فقالوا: ألقى بيده إلى التهلكة!! فقال أبو هريرة: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ﴾ .
1 / 32