181

Proximate Fatwas of Ibn Taymiyyah

تقريب فتاوى ابن تيمية

خپرندوی

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٤١ هـ

د خپرونکي ځای

السعودية

ژانرونه

صُورَةُ اللهِ وَهُوِيَّةُ اللهِ؛ فَإِنَّ هَذَا أَعْظَمُ مِن كُفْرِ الْقَائِلِينَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ الَّذِينَ يُثْبِتُونَ وَاجِبَ الْوُجُودِ، وَيَقُولُونَ إنَّهُ صَدَرَ عَنْهُ الْوُجُودُ الْمُمْكِنُ. وَقَالَ عَنْهُ مَن عَايَنَهُ مِن الشُّيُوخِ: إنَّهُ كَانَ كَذَّابًا مُفْتَرِيًا. وَفِي كُتُبِهِ -مِثْل الْفُتُوحَاتِ الْمَكيَّةِ وَأَمْثَالِهَا- مِن الْأَكَاذِيبِ مَا لَا يَخْفَى عَلَى لَبِيبِ، هَذَا وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْإِسْلَامِ مِن ابْنِ سَبْعِينَ وَمِن القونوي والتلمساني وَأَمْثَالِهِ مِن أَتْبَاعِهِ، فَإِذَا كَانَ الْأَقْرَبُ بِهَذَا الْكُفْرِ -الَّذِي هُوَ أَعْظَمُ مَن كُفْرِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى - فَكَيْفَ بالذين هُم أَبْعَدُ عَن الْإِسْلَامِ؛ وَلَمْ أَصِفْ عُشْرَ مَا يَذْكُرُونَهُ مِن الْكُفْرِ. وَلَكِنَّ هَؤُلَاءِ (^١) الْتَبَسَ أَمْرُهُم عَلَى مَن لَمْ يَعْرِفْ حَالَهُم كَمَا الْتَبَسَ أَمْرُ الْقَرَامِطَةِ الْبَاطِنِيَّةِ لَمَّا ادَّعَوْا أَنَّهُم فَاطِمِيُّونَ، وَانْتَسَبُوا إلَى التَّشَيُّعِ، فَصَارَ الْمُتَّبِعُونَ مَائِلِينَ إلَيْهِم غَيْرَ عَالِمِينَ بِبَاطِنِ كُفْرِهِمْ. وَلهَذَا كَانَ مَن مَالَ إلَيْهِم أَحَدَ رَجُلَيْنِ: إمَّا زِنْدِيقًا مُنَافِقًا، وَإِمَّا جَاهِلًا ضَالًا. وَيَجِبُ عُقُوبَةُ كُلّ مَن انْتَسَبَ إلَيْهِمْ، أَو ذَبَّ عَنْهُمْ، أَو أَثْنَى عَلَيْهِمْ، أَو عَظَمَ كُتُبَهُمْ، أَو عُرِفَ بِمُسَاعَدَتِهِمْ وَمُعَاوَنَتِهِمْ، أَو كَرِهَ الْكَلَامَ فِيهِمْ، أَو أَخَذَ يَعْتَذِرُ لَهُم بِأَنَّ هَذَا الْكلَامَ لَا يَدْرِي مَا هُوَ! أَو مَن قَالَ إنَّهُ صَنَّفَ هَذَا الْكِتَابَ؛ وَأَمْثَالَ هَذِهِ الْمَعَاذِيرِ الَّتِي لَا يَقُولُهَا إِلَّا جَاهِلٌ أَو مُنَافِقٌ؛ بَل تَجِبُ عُقُوبَةُ كُلِّ مَنْ عَرَفَ حَالَهُم وَلَمْ يُعَاوِنْ عَلَى الْقِيَام عَلَيْهِمْ؛ فَإِنَّ الْقِيَامَ عَلَى هَؤُلَاءِ مِن أَعْظَمِ الْوَاجِبَاتِ؛ لِأنَّهُم أَفْسَدُوا الْعُقُولَ وَالأدْيَانَ عَلَى خَلْقٍ مِن الْمَشَايخِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْمُلُوكِ وَالْأُمَرَاءِ، وَهُم يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ. فَضَرَرُهُم فِي الدِّينِ: أَعْظَمُ مِن ضَرَرِ مَن يُفْسِدُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ دُنْيَاهُم

(^١) أي: ابن عربي والتلمساني وَأمْثَالَهُما.

1 / 187