178

Proximate Fatwas of Ibn Taymiyyah

تقريب فتاوى ابن تيمية

خپرندوی

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٤١ هـ

د خپرونکي ځای

السعودية

ژانرونه

أَحْوَالَهُ فِي طُرُقِ الْعِلْمِ وَأَحْوَالِ الْعَالِمِ، وَذَكَرَ أَنَّ أَوَّلَ مَا عَرَضَ لَهُ مَا يَعْتَرِضُ طَرِيقَهُم -وَهُوَ السّفْسَطَةُ بِشُبَهِهَا الْمَعْرُوفَةِ- وَذَكَرَ أنَّة أَعْضَلَ بِهِ هَذَا الدَّاءُ قَرِيبًا مِن شَهْرَيْنِ، هُوَ فِيهِمَا عَلَى مَذْهَبِ السَّفْسَطَةِ بِحُكْمِ الْحَالِ، لَا بِحُكْمِ الْمَنْطِقِ وَالْمَقَالِ، حَتَّى شَفَى اللّه عَنْهُ ذَلِكَ الْمَرَضَ، وَعَادَت النَّفْسُ إلَى الصّحَّةِ وَالاِعْتِدَالِ، وَرَجَعَت الضَّرُورِيَّاتُ الْعَقْلِيَّةُ مَقْبُولَةً مَوْثُوقًا بِهَا عَلَى أَمْنٍ وَتَبَيُّنن، وَلَمْ يَكُن ذَلِكَ بِنَظْمِ دَلِيل وَتَرْتِيبِ كَلَامٍ؛ بَل بِنُور قَذَفَهُ اللهُ فِي الضَدْرِ، وَذَلِكَ النُّوز هُوَ مِفْتَاحُ أَكْبَرِ الْمَعَارِفِ. قَالَ: فَمَنْ ظَنَّ أَن الْكَشْفَ مَوْقُوفٌ عَلَى الْأدِلَّةِ الْمُجَرَّدَةِ فَقَد ضَيَّقَ رَحْمَةَ اللّهِ الْوَاسِعَةَ. ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ أَقْبَلَ بِهِمَّتِهِ عَلَى طَرِيقِ الصُّوفِيَّةِ، وَعَلِمَ أَنَّهَا لَا تَحْصُلُ إِلَّا بعِلْمٍ وَعَمَلٍ، فَابْتَدَأَ بِتَحْصِيلِ عِلْمِهِمْ مِن مُطَالَعَةِ كُتُبِهِمْ؛ مِثْل قُوتِ الْقُلُوبِ لَأبِي طَالِبٍ الْمَكِّيِّ، وَكتُبِ الْحَارِثِ المحاسبي، والمتفرقات الْمَأْثُورَةِ عَن الْجُنَيْد وَالشِّبْلِيِّ وَأَبِي يَزِيدَ، حَتَّى طَلَعَ عَلَى كُنْهِ مَقَاصِدِهِم الْعِلْمِيَّةِ. ثُمَّ إَّنهُ عَلِمَ يَقِينًا أنَّهُم أَصْحَابُ أحْوَال لَا أَصْحَابُ أَقْوَالٍ، وَأنَّ مَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ بِطَرِيقِ الْعِلْمِ قَد حَصَّلَهُ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا مَا لَا سَبِيلَ إلَيْهِ بِالتَّعَلُّمِ وَالسَّمَاعِ؛ بَل بِالذَّوْقِ وَالسُّلُوكِ.

= قال ابن كثير رحمه الله تعالى في أحداث (٤٨٨): وَفِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنْهَا خَرَجَ أبُو حَامِدٍ الْغَزالِيُّ مِن بَغْدَادَ مُتَوَجِّهًا إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، تَارِكًا لِتَدْرِيسِ النِّظَامِيَّةِ، زَاهِدًا فِي الدُّنيا، لابسًا خَشِنَ الثِّيَابِ بَعْدَ نَاعِمِهَا، وَنَابَ عَنْهُ أخُوهُ في التدريس، ثم حج في السنة التالية ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ، وَقَد صَنَّفَ كِتَابَ الْإِحْيَاءِ فِي هَذ الْمُدَّةِ، وَكَانَ يَجْتَمِعُ إِلَيْهِ الْخَلْقُ الْكَثِيرُ كلَّ يَوْمٍ فِي الرِّبَاطِ فيَسْمَعُونَهُ. ا هـ. البداية والنهاية (١٢/ ١٨٣). وكان مغيبه وخلوته وانعزاله قرابة عشر سنين، وفي هذه المدة، وبالتحديد سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة أخذت الفرنج بَيْتَ الْمَقْدِس! وسُفك على أيدهم وعلى أيدي العبيديين مئات الآلاف من الدماء الطاهرة، وزهقت الأَنفس البريئة، فهل من اللائق الانعزال عن المسلمين وتركهم تحت ظلم وجور الكفرة! أليس من الواجب أنْ يُحرض الناس على الاجتماع والقوة ونصرةِ المظلومين؟

1 / 184