على عتبات الحضارة - بحث في السنن وعوامل التخلق والانهيار
على عتبات الحضارة - بحث في السنن وعوامل التخلق والانهيار
خپرندوی
دار الملتقى للطباعة والنشر والتوزيع
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م
د خپرونکي ځای
سورية
ژانرونه
(١) قلنا إن الحضارة العربية الإسلامية قدّمت نموذجًا فريدًا للعالمية يكون التوسع العسكري فيه وسيلة لتحقيق الانتشار الثقافي دون المساس بالخصوصيات، أو القضاء على خصوبة التنوع، ولم يمنعها النمط السلطوي المركزي للنظام من أن تستوعب داخلها التنوع الثقافي للأمم المفتوحة، فاحتفظت تلك الأمم بخصوصيتها الثقافية، أو عدلت فيها بما ينسجم مع ضرورات العقيدة الجديدة، ولم تخسر مع ذلك تمايزها وأصالتها وصانت تقاليدها ولغاتها المحلية، بل إن تنوع الأزياء التقليدية في الدول الإسلامية مع محافظتها على الشروط اللائقة بالزي الإسلامي يشهد بتلك الحقيقة، في حين أن الزي الغربي الموحد يغزو العالم كله اليوم، وينتهك حرمة الخصوصية الثقافية!! لقد اعتبرت الحضارة الإسلامية الاختلاف خصوبة وثراء، "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين. إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم"، (هود /١١٨ - ١١٩)، "وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم فيما فيه يختلفون"، (يونس/١٩). (٢) يقول مورفي العالم في الأجناس البشرية: "إن المشابهات في أفكار الإنسان وعاداته، تردّ بصفة خاصة إلى التشابه في تكوين المخ البشري في كل مكان، وإلى ما يترتب على ذلك من طبيعة عقله. ولما كان تركيب هذا العضو الطبيعي واحدًا في جميع مراحل تاريخ الإنسان المعروفة، في مزاجه وفي عملياته العصبية، فإن للعقل كذلك طائفة عامة من الخواص والقوى وأساليب العمل .. "، نقلًا عن: توينبي، أرنولد: مختصر دراسة للتاريخ، ١/ ٦٨.
1 / 30