77

نزهت الامم

نزهة الأمم في العجائب والحكم‏

ژانرونه

فكتب عمر إلي عمرو يسأله عن شرح الحال، فأجابه إني وجدت ما تروي به مصر حتي لا يقحط أهلها أربع عشرة ذراعا، والحد الذي يروي منه سائرها حتي يفضل عن حاجتهم، ويبقي عندهم قوت سنة أخري ست عشر ذراعا، والنهايتان المخوفتان فى الزيادة والنقصان وهما الظمأ والأستبحار أثنا عشر ذراعا في النقصان، وثمان عشرة ذراعا في القبط، وكمال العمارة فيه. [ق 71 أ].

فاستشار أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عليا رضي الله عنه في ذلك، فأمره أن يكتب إلي عمرو أن يبنى مقياسا وأن ينقص ذراعين على أثني عشر ذراعا، وأن يقر ما بعدها علي الأصل، وأن تنقص من كل ذراع بعد الستة عشر ذراعا أصبعين، ففعل ذلك وبناه بحلوان فأجتمع له بذلك كل ما أراد من حل الارجاف، وزوال ما منه كان يخاف، بأن جعل الأثنى عشر ذراعا أربع عشرة لأن كل ذراع أربع وعشرون أصبعا، فجعلها ثمانيا وعشرين من أولها إلى الأثني عشر يكون مبلغ الزيادة علي الأثني عشر ثمانية وأربعين أصبعا، وهي الذراعان وجعل الأربع عشرة ست عشرة، والست عشر ثماني عشرة والثماني عشرة عشرين.

قال القضاعي: وفي هذا الباب (1) نظر في وقتنا لزيادة فساد الأنهار وانتقاض الأحوال وشاهد ذلك أن المقاييس (2) القديمة الصعيدية من أولها إلي آخرها أربع وعشرون أصبعا كل ذراع، والمقاييس [ق 71 ب] الإسلامية علي ما ذكر منها المقياس الذي بناه أسامة بن يزيد التنوخي بالجزيرة وهو هدمه الماء، وبني المأمون آخر بأسفل الأرض بالبروذات، وبن المتوكل آخر بالجزيرة وهو الذي يقاس عليه الماء الآن وقد تقدم ذكره.

قال ابن عفير عن القبط المتقدمين: إذا كان الماء في أثني عشر يوما من مسرى أثنتي عشرة ذراعا، فهي سنة ماؤها ناقص، وإذا تم ست عشرة ذراعا قبل النوروز، فالماء يتم ...

فأعلم ذلك.

وقال أبو الصلت: وأما النيل وينبوعه، فهو من وراء خط الاستواء من جبل هناك يعرف بجبل القمر، فإنه يبتدىء [فى] التزايد في شهر أبيب. والمصريون يقولون: إذا دخل أبيب كان للماء دبيب، وعند إبتدائه في التزايد يتغير جميع كيفياته ويفسد، والسبب في ذلك مروره بنقائع مياه يخالطها فيجتلبها معه إلي غير ذلك مما يحتمله.

مخ ۸۵