والرد على من أنكر نبوته والحجة في ذلك الدليل على أن محمدا رسول الله، وأنه صادق، من وجهين: القرآن والمعجزات التي لا يقدر عليها أحد إلا الله عز وجل والقرآن الذي أتى به، لم يقدر أحد من الخلق أن يأتي بمثله، لقول الله تعالى: { قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا } وغير ذلك في القرآن موجود. فعلمنا أن هذا القرآن من عند الله، جعله الله علما وحكمة وحجة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، إذ عجز الخلق، أن يأتوا بمثله.
وأما غير القرآن، فالمعجزات الباهرات، وهي كثير.
منها: أن اليهود جعلوا له سما في شاة. فمن أكل من ذلك السم لم يعش. فلما أراد النبي صلى الله عليه وسلم الأكل منها، نطقت الشاة. فكلمته. فقالت: يا رسول الله لا تأكلني؛ فإني مسمومة. فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم عن أكلها، حتى أتاه جبريل عليه السلام فقال له: يا محمد قل: باسم الله إله الأرض وإله السماء الذي لا يضر مع اسمه داء. فقالها صلى الله عليه وسلم وأكل، فلم يضره شيء.
وأنه صلى عليه وسلم دعا بشجرة فأجابته، من غير جاذب يجذبها، ولا دافع يدفعها، أكثر من قوله لها: تعال فجاءت. وقوله لها: اذهبي فذهبت.
وأنه يسبح الحصى في كفه.
ووضع يدهفي منضاة فيها ماء قليل ففاض الماء من بين أصابعه، كمثل العيون فشرب منه بشر كثير.
وأنه أطعم، من الطعام اليسير، الجماعات الكثيرة حتى شبعوا، وأشياء عدة يقصر عن ذكرها هذا المختصر، من الدلائل والأعلام التي لا يقدر عليها إلا الله. فمن كان معه الدلائل والأعلام، التي لا يقدر عليها أحد من الخلق، فهو رسول الله.
الدليل على ذلك: أنه لو كانت أعلام الصادق مع الكاذب، لم يكن الصادق. يبين من الكاذب بشيء، ولا كان سبيل للخلق، إلى معرفة الصادق من الكاذب فدل ذلك على أن النبي محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبالله التوفيق.
الباب الحادي والعشرون والمائة
مخ ۹۹