ويقال لهم: ما قولكم: إن الإنسان ليس بأب لكلامه، لأن ذاته قد سبقت كلامه. فما أنكرتم أن يكون الإنسان أبا أبيه، لأن ذاته قد سبقته. وإلا كنتم مناقضين لاعتلالكم.
ويقال لهم: إذا كان القديم أبا لكلمته، إذ كان لم يسبقها فما أنكرتم أن تكون كلمته أبا له؛ لأنها لم تسبقه، وأن يكون أبا لحياته وروحه؛ لأنهما لم يسبقاه وغلا كان اعتلا لكم منتقضا.
فإن قالوا: إن الإنسان أبو كلامه، ووالد له.
قيل لهم: فما أنكرتم أن يكون الإنسان أبا لفعله ووالدا له، وما الفرق بينكم وبين من قال: إن الإنسان أبو فعله، وليس بأبي كلامه، على قلب ما قلتم وعكسه؟
فإن قالوا: فعل الإنسان ليس بخارج عن ذاته. فلذلك لم يكن أبا له.
قلنا لهم: وكذلك كلام الإنسان ليس بخارج عن ذاته، فلذلك لا يكون أبا له، وما الفرق بين خروج الإنسان عن ذاته، وخروج كلامه عن ذاته؟!
فإن زعموا أن الإنسان أبو فعله ووالده.
قيل لهم: فإذا كان الإنسان أبا كلامه، وإن كان سابقا لكلامه، كما قلتم في الإنسان وفعله.
فإن قالوا: إن البارئ سابق لفعله، فلذلك لا يكون والدا له.
قيل لهم: ذلك في الإنسان، وفي كلامه.
وقيل لهم: إن كان البارئ أبا لكلامه، إذ لم يسبقه فواجب أن يكون أبا لحياته؛ لأنه لم يسبقها، وأن يكون كلامه أبا له؛ لأنه لم يسبقه.
فإن قالوا: إن فعل البارئ خارج عن ذاته، فلذلك لا يكون البارئ أبا له، وكلام البارئ ليس بخارج عن ذاته، فلذلك كان أبا له.
قيل لهم: إن كانت العلة في كون البارئ أبا لكلامه، هو أن كلامه ليس بخارج عن ذاته. فلم لا يكون أبا لوحه؛ لأن روحه ليست بخارجة عن ذاته.
ويقال لهم: ما الفرق بينكم وبين من قال عكسا عليكم، في قلب المسألة: إن البارئ أبو فعله، لأنه خارج عن ذاته وليس بأبي كلامه؛ لأنه ليس بخارج عن ذاته.
مخ ۲۸