210

نور

النور لعثمان الأصم

ژانرونه

ولا يجوز أن يقال: إن الله خليل لأحد من أنبيائه ورسله وخلقه - على الحقيقة لأن الخليل في اللغة: إنما هو خاصته الذي يفضي إليه بأسراره وأمره، دون غيره، لأنهم لم يختصوا الله تعالى بشيء، فيكون لذلك خليلا لهم، كما كانوا أخلاءه، لما اختصهم به، من الوحي والرسالة. وجميع الأنبياء أخلاء لله، لهذا المعنى.

ويقال للإنسان: خليل، على معنى حبيب في سعة اللغة. وهذا هو مجاز لا حقيقة؛ لأنه لو كان الحبيب خليلا، على الحقيقة، لكان المؤمنون جميعا أخلاء لله، كما أنهم أحباؤه. وهذا غير صحيح، ولا شائع في حقيقة اللغة.

ولا يجوز أن يتخذ الله صديقا من خلقه، فيكون صديقا للمؤمنين. والمؤمنون له أصدقاء والفرق بينهما، يعني بين الصديق والخليل: أن الصديق في اللغة: أن يصدق صاحبه، بالود والمحبة، وأن يكون ضمير كل واحد منهما لصاحبه، كعلانيته.

فلما لم يجز أن يوصف الله تعالى، بأن سريرته للأنبياء كعلانيته. وإنما يظهر لهم كما يظهر، إذا كان الضمير والطوية، لا يجوزان عليه، لم يجز أن يكون صديقا لهم، بتخفيف الدال.

ويقال: إن الله ناصر المؤمنين.

ومعنى ذلك: دفعه المكاره والشدائد والهوان عنهم، ليعزهم بذلك، ويكرمهم. وهذا هو النصرة المعقولة بيننا في الشاهد.

ويقال: إن الله يخذل الكافرين والفساق.

ومعنى ذلك: هو ضد النصرة. وهو أن لا ينجيهم من الهوان والشدائد، وأن يفعل بهم، ما يقعون معه، في الشدائد والهوان.

ويقال: إنه يوفق المؤمنين.

ومعنى ذلك: أنه فعل بهم فعلا، اتفق به لهم فعل الإيمان.

والتوفيق في اللغة: أن الشيء الذي هو توفيق، هو متفق لصاحبه لا محالة.

وذلك أنهم إذا قالوا: وفق الله لنا لقاء فلان، فلان فلا يجوز في كلامهم أن يقول القائل: وفق الله لي لقاء فلان وهو لم يلقه، ولا أنه لم يوفق لقاءه. وهو قد لقيه. فصح بهذا أن صفة التوفيق -على ما وصفنا- أن الفعل الذي هو توفيق له، هو متفق لصاحبه.

مخ ۲۱۰