يقال لله تعالى: عدل كريم. فالوصف له، بأنه عدل، هو توسع ومجاز؛ لأن العدل في الحقيقة: هو المصدر. والله تعالى لا يشبه العدل ولا شيئا من المصادر.
ولكن قالوا: هو عدل، وأرادوا العادل، توسعا في هذا القول، إذ كان يعقل عنده ما أراد، وأنه من وصفه، بأنه عادل.
مسألة:
فإن قال: ما معنى العدل؟
قيل له: أما في اللغة، فهو الحكم بالعدل والحق . تقول: هو يعدل في حكمه.
وأما قول الفقهاء، فهو فعل ما له أن يفعله في الحكمة، وإعطاء المستحق ما يجب له. والجور: ضد العدل، ومنع المستحق ما يجب له فلما نفينا عنه الأضداد، وصفناه، بأنه عادل. قال الله تعالى: { إن الله لا يظلم مثقال ذرة ولا يضلم الناس شيئا وما الله يريد ظلما للعباد } ومثل هذا في القرآن كثير. فلا يجوز على الله تعالى العادل الكريم الرؤوف الرحيم، إلا ما وصف به نفسه. ولو لم نصفه بالعدل، لكان موصوفا بضده. فلما نفينا عنه الجور، وصفناه بالعدل.
قال المؤلف: فأجاز الشيخ أبو الحسن البسياني، أن يوصف الله، بأنه عادل. وبالله التوفيق.
الباب الحادي والستون والمائتان
في الواحد الأحد
الواحد في الحقيقة: هو الذي لا ينقسم في وجود، ولا وهم. وهو الفود لا ثاني له. والواحد أيضا، لا ثاني له في لفظه. ولا يقال: واحدان.
وقيل له عز وجل: واحد؛ لأنه لم يزل قبل الخلق متوحدا بالأزل، لا ثاني معه. ثم خلق الخلق، فكان الخلق له ثانيا، محتاجا بعضهم، إلى بعض.
قال المؤلف: وليس يعني أن الخلق صار ثانيا لله، إليها كمثله عز وجل.
وتوحد هو تعالى بالغنى عن جميع خلقه؛ لأنه لم يزل قبل كل شيء. فالأولية دلت على الوحدانية، إذ لم يكن قبله شيء، فيتوحد بالأولية،كما يتوحد هو بها. فيكون ثانيا لذلك الشيء الذي نقدمه. بل لم يزل هو الأول السابق بالوحدانية. فكان الخلق ثانيا بالابتداع.
مخ ۱۸۶