في المكان والدليل على حدوثه قيل: ان المكان والزمان ليس هما من العالم، وهما من غير العالم. والمكان هو سطح مستو من لطائف الأجزاء المستفردة، فانعقد والتأم، فصار للأشئاء حاويا. وحده أن يكون حاويا من سائر الجهات وهي البسائط الست التي هي يمين وشمال وخلف وقدام وفوق وتحت.
والدليل على حدث المكان من أوجه: أحدها أن كل بيسط وان اتصل، فلا يخلو من أن يكون عاليا إلى نهاية توقعه، فيكون له مستقرا ولو جاز أن يكون عاليا إلى غير نهاية، لجاز أن يكون كل كثيف راسيا إلى غير نهاية. فدلت تلك النهاية على الإستقرار.
وإنما وجب أن يكون القديم قديما، إذ لا نهاية له. وأيضا فإن البسائط وإن لطفت فلا تخلو من طبائع مقرونه بها، كما أن الكثائف لا تخلو من طبائع تكون مقرونه بها، وأيضا ان الحرارة التي هي طبائع المكان، لا بد لها من زيادة ونقصان والزيادة والنقصان ضدان متعاقبان. ومن تعاقب عليه العرضان وتراكم عليه الضدان كان محدثا.
الباب الثالث والعشرون
في الزمان والدليل على حدثه
اختلف الناس في الزمان، فقيل: هو الحركة نفسها.
وقيل: هو اعداد الحركة.
وقيل: هو القدر الذي يكون بين الحركات، فلما أن تبين فساد الأقاويل، صح وثبت ما قلنا: إن الزمان هو القدر الذي تكون به الحركة، يريد أن الزمان يكون فيه إعداد الحركة والفرق بين الاعداد.
والدليل على حدث الزمان: أن له بعضا. وما كان له بعض كان له كل.
مسألة: والزمان من غير العالم وهو المشتمل يعني على المكان، حد الزمان أن يكون مشتنلا على المزمن من سائر الجهات.
الباب الرابع والعشرون
في الوقت والدليل على حدثه من كتاب الأكلة
اختلف في الوقت، فقال بعض: الوقت مدى ما بين الأفعال، وإن معناه: أن الليل والنهار هما الأوقات.
وقال بعض: هو حركات الفلك.
وقال بعض هو شئ غير حركات الفلك، وغير الليل والنهار، وليس بجسم ولا عرض.
مخ ۱۲