فقال: «أكلت حنيفةُ ربَّها»!
على أنها لم تعبده تمرًا ولا أكلته ربًا، وإنما أكلت التمر وعبدت الإله الذي في أفكارها. ولذلك قال القرآن على لسان قريش: ﴿ما نَعْبُدُهُم إلاّ لِيُقَرّبونا إلى الله زُلْفَى﴾.
* * *
وبعد يا أيها السائل، فإن من الثابت أن العقائد والطباع إنما تتكون في النفوس في مرحلة الصبا وأوائل الشباب، فمَن نشأ مؤمنًا في بيت مؤمن لا يمكن أن يذهب هذا الإيمانُ من نفسه حتى كأنْ لم يكُن، وإنّ صاحبك لا يزال في قلبه مؤمنًا وإن جحد اللهَ بلسانه، ولو أصابه مرض مُؤيِس أو خطرٌ قاصم لعاد ينادي: «يا الله».
ولقد كنت مرة أجادل مجنونًا من هؤلاء المجانين (من معشرٍ كفروا بالله تقليدًا) أقول له: ويلك خَفِ الله، فيقول: ما في إله! فلما ضايقته وعجز عن الحجة سبق لسانه فقال: والله ما في إله.
يحلف بالله على نفي وجود الله! فضحكت عليه وتركته.
* * *
1 / 21