وقولهُ: (جَعلاهُ مِن قَبيلِ المرفوعِ) (١) لِما تَقدّمَ مِن نُدرةِ استنادهِم إلى الإجماعِ، وكثرةِ إسنادهِم الأمورَ إليهِ ﷺ.
قولهُ: (ومقتضى كَلام البيضاوِي ..) (٢) إلى آخرهِ، أي: فَإنَّهُ قَالَ ما معناهُ: أقوالُ الصَحابةِ -رضيَ / ١٠٣ أ / اللهُ عَنهم- سَبعةٌ، ثُمَّ قالَ: السابعةُ: «كُنَّا نَرى في عهدهِ» (٣). والمختصرُون يُشاحونَ أنفسَهم في حَرفٍ ونَحوهِ، فلا يَزيدونَ كَلمةً إلا ولَها معنى، فلو لم يَكنْ قولهُ: «في عهدهِ» قيدًا لم يَقلْهُ، وكانَ معَ حذفهِ يفهمُ أنَّ ما أضيفَ إلى عهدهِ ﷺ مرفوعٌ من بابِ الأولى.
قولهُ: (وهوَ قَويٌ مِن حيثُ المعنَى) (٤)، أي: مِن حَيثُ إنَّ ظاهرَ ذلكَ يَنصرفُ إلى الصَحابةِ، وإنَّ الشارعَ ﷺ اطّلعَ على ذلكَ، فأقرّهُ، أو سكتَ عليهِ؛ لأنَّ بذلكَ يَنقطعُ النِزاعُ، وينقادُ الخَصمُ المُحتج عَليهِ للحُكمِ.
وعبَارةُ النَووي في مقدمةِ "شرح المهذَبِ" (٥): «وظاهرُ استعمالِ كثيرٍ من المحدّثينَ وأصحابِنا في كتبِ الفقهِ أنَّهُ مرفوعٌ مُطلقًا، سواءٌ أضافهُ، أو لَم يُضفهُ، وهذا قوي، فَإنَّ الظاهِرَ مِن قولهِ: «كنَّا نفعلُ» و(٦) «كانوا يَفعلونَ» الاحتجاج بهِ على وجهٍ يُحتج بهِ، ولا يكونُ ذلكَ إلا في زَمنِ رَسولِ اللهِ ﷺ ويُبلغهُ».
(١) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ١٩٢.
(٢) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ١٩٢ - ١٩٣.
(٣) انظر: منهاج الأصول ٢/ ٢٥٨.
(٤) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ١٩٣.
(٥) المجموع ١/ ٦٠.
(٦) في (ب): «أو»، وما أثبته من (أ).