عن قوله تعالى: ﴿وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (٢٩) هَارُونَ أَخِي﴾، أين مفعول ﴿وَاجْعَل﴾؟
وفي هذا جوابان:
أحدهما: أن يكون الكلام على التقديم والتأخير، حتى كأنه قال: واجعل لي من أهلي هارون أخي وزيرًا، فـ ﴿هَارُونَ﴾ مفعول أول، و﴿وَزِيرًا﴾ مفعول ثان.
وإن شئت جعلت ﴿وَزِيرًا﴾ مفولًا أولًا، و﴿لِي﴾ مفعولاُ ثانيًا، وهذا الوجه الثاني.
ويجوز في هارون وجهان:
أحدهما: أن يكون نصبًا بإضمار فعل، كأنه قال: أعني هارون أخي، أو: استوزر لي هارون أخي؛ لأن ﴿وَزِيرًا﴾ يدل عليه.
والثاني: أن يكون خبر مبتدأ محذوف، كأنه لما قال: واجعل لي وزيرًا من أهلي، قيل له، من هذا الوزير؟ قال: هارون أخي، فهذا وجه في الرفع، إلا أن القراءة بالنصب، فإن رفع رافع من القراء فهذه وجه.
ويجوز في النصب أن تضمر (أريد) كأنه قيل له: من تريد؟ قال: أريد هارون أخي.
ويسأل عن قوله: ﴿نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (٣٣) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا﴾ [طه: ٣٤]؟
وفيه وجهان:
أحدهما: أن يكون نعتًا لمصدر محذوف، كأنه في التقدير: نسبحك تسبيحًا كثيرًا ونذكرك ذكرًا كثيرًا.
والوجه الثاني: أن يكون نعتًا لظرف محذوف تقديره، نسبحك وقتًا كثيرًا، ونذكرك وقتًا كثيرًا.
* * *
قوله تعالى: ﴿فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى (٥٨) قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى﴾ [طه: ٥٨-٥٩]
قوله: ﴿مَكَانًا سُوًى﴾
قال السُّدي وقتادة: عدل، وقال ابن زيد: مستوٍ.