126

اللباب في علوم الكتاب

اللباب في علوم الكتاب

پوهندوی

الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض

خپرندوی

دار الكتب العلمية

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤١٩ هـ -١٩٩٨م

د خپرونکي ځای

بيروت / لبنان

ژانرونه

عبادَةَ غَيْرِه، أما إذا قال: «إياك نعبدُ» كان قد ذكر عبادَة نفسِه، وعبادة جميع المؤمنين شرقًا وغربًا.
اهْدِ: صِيغَةُ أمْرٍ، ومعناها: الدعاءُ، فقِيلَ معناه: أَرْشِدْنَا. وقال عَليٌّ: وأُبَيُّ بن كَعْب ﵄ ثبتنَ؛ كما يُقال للقائِم: قم حتى أعودَ إليك، أَيْ: دُمْ على ما أنت عليه، وهذا الدعاء من المؤمنين مع كونهم علَى الهدايَةِ بِمعنى التَّثْبِيتِ، وبمعنى طلبِ مزيد الهدَاية؛ لأنَّ الأَلْطافَ والهدايات من الله - تعالى - لا تتناهى على مذهب أَهْلِ السُّنة. قال ابنُ الخَطِيب - رَحِمَهُ اللهُ تعالى -: المرَادُ من قوله تعالى: «اهِدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ» هو: أنْ يكونَ الإنسانُ مُعْرِضًا عما سوى الله - تعالى - مُقْبِلا بكليةِ قلبه وفِكْرِه وذِكْرِه على الله تعالى. مثالُه: أنْ يصيرَ بحيثُ لو أُمِرَ بذبح غيرُه، لأطاعَ؛ كما فعل إبراهيم ﵊ ُ، ولو أُمِرَ بأَنْ ينقادَ، لأن يذبَحهُ غيرُه، لأطاعَ؛ كما فعله إسْماعِيلُ ﵊، ولو أُمِرَ باَنْ يُلْق] نفسَهُ في البحر، لأطاعَ؛ كما فعله يُونُس ﵊ ُ، ولو أُمِرَ بأن يتلمذَ لمن هو أعلم منه بعد بلوغه في المَنْصب إلى أعلى الغايات، لأطاع؛ كما فعله موسى ﵊ مع الخَضِر [﵊]، ولو أُمِرَ بأنْ يصبرَ في المر بالمَعْرُوف، والنهي عن المنكر على القتل، والتفريقِ بنصفين، لأطاع؛ كما فعله يَحْيَى بنُ زَكَرِيَّا - عليهما الصَّلاة والسلام - فالمراد بقوله تعالى «اهْدِنا الصِّراطَ المُسْتَقيمَ»، هو الاقتداءُ بأنبياء اللهِ في الصَّبرِ على الشدائدِ، والثبات عند نزُولِ البلاءِ، ولا شَكّ أن هذا مقامٌ شَدِيدٌ؛ لأن أكثر الخَلْقِ لا طاقة لهم به. واعلم أن صيغةَ «أَفْعَلْ» تَرُِ لمعانٍ كثيرةٍ ذكرِها الأُصُوليُّونَ. وقال بعضُهم: إن وردت صيغةُ «افعل» من الأعلى للأدنى، قيل فيها: أَمرٌ، وبالعكس دُعاء، ومن المُساوي التماسٌ، وفاعله مستتر وُجُوبًا، لِمَا مَرَّ، أي: اهْدِ أنت، و«ن» مفعولٌ أَوَّلٌ، وهو ضميرٌ متصل يكون للمتكلم مع غيره، أو المعظّم نفسه، ويستعملُ في موضع: الرّفع، والنصب، والجر، بلفظ واحد؛ نحو: «قُمْنَا»، و«ضَرَبَنَا زَيْدٌ»، و«مَرَّ بِنَا»، ولا يشاركه في هذه الخصوصية غيره من الضَّمائر. وقد زعم بعضُ النَّاسِ أن الياء كذلك؛ تقولُ: «أكرمني»، و«مرّ بي»، و«أنت تقومين يا هند»، و«الياء» في المثال الأوّل منصوبةُ المحلِّ، وفي الثاني مجرورته، وفي

1 / 203