125

اللباب في علوم الكتاب

اللباب في علوم الكتاب

پوهندوی

الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض

خپرندوی

دار الكتب العلمية

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤١٩ هـ -١٩٩٨م

د خپرونکي ځای

بيروت / لبنان

ژانرونه

قلنا: هذا يلزمُ من جَعَلَ الاستعانةَ قبلَ الفعل، ونحن نَجْعلُ التوفيقَ، والاستعانةَ مع الفعل، فلا فرق بيت التقديم والتأخير. وقيل: الاستعانَةُ نوعُ تعبُّدٍ، فكأنه ذكر جملة العبادَةِ أوّلًا، ثم ذكر ما هو من تفاصيلها وأطلق كُلًاّ من فِعْلَيْ العبادَةِ والاستعانَةِ فلم يذكر لهما مفعولًا؛ ليتناول كل معبود به، وكلَّ مُسْتَعان [عليه]، أَوْ يكون المُرادُ وقوعَ الفعلِ من غير نظر إلى مفعول؛ نحو: ﴿كُلُواْ واشربوا﴾ [البقرة: ٦٠] أي أوقعوا هذين الفِعْلَيْنِ. فصل في نظم الآية قال ابنُ الخَطِيبِ - رَحِمَهُ اللهُ تعالى -: قال تعالى:» إيَّاكَ نَعْبُدُ «فقدَّمَ قولَه:» إيَّاكَ «على قوله:» نعبد «ولم يقل:» نعبدك «لوجوه: أحدُها: أنه ﵎ قدّم ذِكْرَ نَفْسِهِ؛ لينبه العَابِدَ على أن المعبودَ هو اللهُ - تعالى - فلا يتكاسَلُ في التعظيم. وثانيها: أَنَّه إِنْ ثقلت عليك العبادات والطاعات وصعبت، فَاذْكُرْ أوَّلًا قولَه: «إياك»؛ لتذكرني، وتحضر في قلبك معرفتي، فإذا ذكرتَ جَلاَلي وعظمتي، وعلمت أني مولاك، وأنك عبدي؛ سهلت عليك تلك العبادة. وثالثها: أن القديمَ الواجبَ لذاتِه متقدمٌ في الوجودِ على لمحدث الممكن لذاته، فوجب أن يكون ذكره متقدمًا على جميع الأذكار. فصل في نون «نعبد» قال ابنُ الخَطيب - رَحِمَهُ اللهُ تعالى -: لقائلٍ أّنْ يقولَ: النُّون في قوله تعالى: «نعبد» إما أن تكون نونَ الجمع، أو نونَ العظمةِ، والأول باطِلٌ، لأن الشخصَ الواحدَ لا يكون جَمْعًَا، والثاني باطل أيضًا؛ لأن عند أداء العبوديةِ، اللَّائق بالإنسان أن يذكر نفسه بالعَجْزِ والذّلة لا بالعَظَمَةِ. واعلم أنه يمكن الجوابُ عنه مِنْ وُجُوه: أحدها: أنّ المرادَ مِنْ هذه النونِ نونُ الجَمْعِ، وهو تنبيه على أنَّ الأَوْلَى بالإنسان، أَنْ يؤدي الصَّلاة بالجماعة. الثاني: أنَّ الرجلَ إِنْ كان يُصَلِّي في جماعة، فقوله: «نعبد»، المُرَاد منه ذلك الجمعُ، وإن كان يصلّي الصَّلاة بالجماعة. الثالث: أنَّ المُؤْمِنين إخوةٌ، فلو قال: «إياك أعبدُ» كان قد ذكر عبادَةَ نفسِه، ولم يذكر

1 / 202