وقيل: المراد حال ما يكره، كالتوضىء بالماء البارد في الشتاء، وفي حالة ألم الجسم.
والخطا: جمع خطوة بضم الخاء، وهي ما بين القدمين، وكثرتها إما لبعد الدار، أو على سبيل التكرار.
وكونها إلى المساجد: أي: للصلاة وغيرها من العبادات، ولا دلالة في الحديث على فضل الدار البعيدة عن المسجد على القريبة منه، كما ذكره ابن حجر، فإنه لا فضيلة للبعد في ذاته، بل في تحمل المشقة المترتبة عليه، ولذا لو كان للدار طريقان إلى المسجد، ويأتي من الأبعد ليس له ثواب على قدر الزيادة، وإنما رغب في الحديث إلى كثرة الخطا تسلية لمن بعدت داره، وأما قوله عليه السلام: " دياركم تكتب أثاركم " (1) يعني إن فاتكم بعض الفوائد يحصل لكم بعض العوائد والأمر بلزوم الديار لما يترتب من تغيير الدار كثير من الأكدار، مع أنه قيل: إنما أمرهم بالإستمرار لئلا يخلو حول المدينة ويصير محل الإمكار، ويؤيده (ح): " من شؤم الدار بعده عن المسجد " (2).
والمراد بانتظار الصلاة: انتظار وقتها أو جماعتها.
وبعد الصلاة: يعني إذا صلى جماعة أو منفردا انتظر صلاة أخرى معلقا فكره بها، بأن يكون انتظاره في المسجد أو في بيته، أو يكون في شغله وقلبه معلق بها.
__________
(1) أخرجه مسلم، كتاب المساجد، باب المشي إلى الصلاة، ص 663، ح (665)، من طريق جابر بن عبدالله، وبه قصة، وأخرجه ابن حبان، 5/ 390، ح (2042)، من طريق جابر بن عبدالله.
(2) لم أقف على تخريجه، وقد ذكره الزرقاني في شرحه لموطأ الإمام مالك، 1/ 108.
والرباط بكسر الراء: ملازمة الثغر، وهذه الأعمال هي المرابطة الحقيقية لأنها تسد طرق الشيطان على النفس، وتقهر الهوى وتمنعها من قبول الوساوس، فيغلب به حزب الله جنود الشيطان.
وفي التكرير على رواية أنس زيادة تقرير وتأكيد، فكان الحديث يشير إلى أن ما ذكر من الطاعات والخصال هو الرباط المعني في قوله تعالى: (يأيها الذين ءامنوا اصبروا وصابروا ورابطوا) (1) أي: أن هذه الطاعات المذكورة في الحديث هي الرباط المستحق أن يسمي رباطا، لما يدل عليه من تحليته بالتعريف الجنسي، وأنه هو الجهاد الأكبر بما أنه يكف بأس الشيطان، ويسد طرقه، ويقهر هوى النفس، فيكون ثواب هذه الطاعات كثواب الجهاد، لما فيه من مجاهدة النفس، وإذاقتها المكارة والشدائد كما في الجهاد.
مخ ۲۵