نشوار المحاضرة واخبار المذاكره
نشوار المحاضرة وأخبار المذاكر
71 الأمير معز الدولة وحدة طبعه
وكانت عادة الأمير معز الدولة، إذا حمي جدا، أن يأمر بالقتل، ويكره أن يتم ذلك، ويعجبه أن يسأل العفو.
وقد فعل هذا، كثيرا جدا، بخلق من جملة أصحابه.
وأول ما عرف ذلك منه، وأقدم لأجله على مساءلته العفو، إذا أمر بقتل صاحب له، أنه أنكر على رجل بالأهواز، وهو إذ ذاك مقيم بها، وكان الرجل ضرابا (1) يعرف (2) بابن كردم، أهوازي، ضمن منه عمالة دار الضرب بسوق الأهواز، فضرب دنانير رديئة، ولم يعلم الأمير بها، فأنفذها إلى البصرة ليشتري بها الدواب، والبريديون إذ ذاك بها، فلم تؤخذ لشدة فسادها، فردت، وعاد الراضة الذين كان أنفذهم لذلك، فعرفوه الخبر، فحمي[47 ب]، وأحضر ابن كردم هذا، وخاطبه، وازداد طبعه حميا، إلى أن أمر بأن يخنق على قنطرة الهندوان (3) ، بالأهواز.
فأخرج من بين يديه، وخنق، ومات، وعاد من كان أمره بذلك، فوقف بحضرته.
فقال له: ما فعل الرجل؟قال: خنقناه ومات.
فكاد أن يطير غضبا، وشتمه، وشتم الحاضرين، وقال: ما كان فيكم من يسألني أن لا أقتله؟وأخذ يبكي، وكان فيه تحرج من القتل.
فقالوا: ما علمنا، وخفناك.
فكان بعد ذلك إذا أمر بقتل إنسان، سئل، وروجع، فيعفو.
مخ ۱۴۲