الفهد بقضبان قفصه كالهر، والمرء إذا ما أنعم النظر في أفريقية المصغرة مع حيواناتها المؤنسة أو المحظرة،
7
سأل في نفسه عن ملايين الأهالي السبعة الذين يدربون فينتقلون من دور الحياة الفطرية إلى عمال يشتغلون في حقول القطن مياومة
8
ويجعل منهم معلمين وموظفي مصارف من غير أن يقول إنهم لا يزالون يعدلون حيوانات تلك الحديقة همجية.
وعلى الضفة اليسرى من النيل الأبيض تقوم مدينة أم درمان الأهلية التي هي أكبر من مدينة الخرطوم البريطانية ثلاث مرات، وتبنى أم درمان منذ خمسين سنة على سيف
9
خال، فتبدو قلعة بيضاء مواجهة لمدينة الخرطوم ذات الآجر الأحمر، وهي مهدمة الأسوار الآن، ولكن جمهور السود يتهافت - عوضا عن ذلك - على هذه المدينة التي هي من أكبر مدن أفريقية، وهل يظل السود طوعا مع أنهم كانوا منذ نحو ثلاثين سنة يشغلون القصر الغوطي القائم على الضفة الأخرى؟
وفي تلك الواحة الزاخرة بالسكان تشع الشمس بما لا تأتي مثله في سوى حقول الجليد، والنور يغمر طرقا وشوارع تعج بجمهور من الصناع وأرباب الحرف كالمنجدين الذين يخيطون وسائد من جلد مختلف الألوان، ويدخلون مسامير لامعة إلى السروج، وكالحدادين الذين يكبسون على مرازب
10
ناپیژندل شوی مخ