202

نیل: ژوند يو سيند

النيل: حياة نهر

ژانرونه

يقول: «له هيئة الملفوح.» وهو شخص يوحي بدنه على اعتماده على نفسه، وهو شخص له من حدة البصر ما هو أقوى مما لدى الأوروبي ثلاث مرات فيدل على قوة نفسه، وهو رجل كان أجداده يختارون أجملهم ملكا لهم، فإذا ما عطل عمل عضو له ضحت بطانته بمثله، واسترابون

6

هو الذي روى لنا هذه العادات، ولا يزال كثير منها باقيا حتى الآن.

وظل القتال في ذلك الإقليم، وبين تلك القبائل، ضرورة؛ ومن ثم بقي رائعا، ويقع القتال مواجهة، ولا يزال الصراع والعفو والذبح أمورا مكتوبة في اللوح المحفوظ، والكرم فضيلة كالانتقام، ومن الإصابة أن استطاع هؤلاء الوثنيون أن يعتنقوا الإسلام، وما انفكت النصرانية تكون غريبة عنهم، وما فتئوا يحافظون على كثير من عادات أهل البدو الذين ورد ذكرهم في التوراة كالثأر واحترام المشيب ونثر الغبار وقت الخطر وشق الثياب، وترى حجاجا بين هؤلاء البدويين، ومن زنوج غرب أفريقية أناس يجوبون جميع القارة ليروا مكة ويعملون في الطريق ليعيشوا، ويقيمون - أحيانا - أعواما بأسرها بين النيل الأزرق والنيل الأبيض فيؤلفون أسرا ولا يبلغون قبر النبي إلا بعد عشرين سنة من مغادرتهم بلادهم عن إيمان عميق لم يرو مثله تاريخ أية فرقة دينية في الغرب.

ولكنك لا تجد مثل هذا المزاج النفسي لدى بدويي البلاد الأصليين، وهؤلاء لا يدرون ما القرآن ولا سور القرآن، وهؤلاء لا يعرفون من مكة غير قبلتها التي يوجهون سجادتهم نحوها قبل الصلاة واضعين إياها على الرمل.

ويدع البدوي للنساء من الحرية أكثر مما تسمح به الديانات والعادات المحيطة به، ويدرك البدوي معنى الغرام، وتنشأ عن عدم حجب النساء في دوائر الحريم مكايد ومنازعات، ومنذ مائة سنة خلت اكتشف رائد إنكليزي بين سنار وكردفان قبيلة بلغ سلطان النساء فيها من القوة ما يطلبن معه يوم زواجهن عهدا خطيا يكون لهن به حرية مطلقة يوما واحدا في كل أربعة أيام، واليوم لا يزال يوجد في تلك البقعة سواحر يصبن الرجال بالعجز فلا يعدن إليهم سابق رجولتهم إلا لمصلحتهن.

ويوكد أمر هذه الحرية في الغرام بالوجه الذي يحصر به أولئك البدويون ميراثهم في الإناث، وعن البشاريين الذين هم أجمل البدويين يقول كاتب عربي: «لا يطمأن إلى أن الزوج هو الأب، بل يطمأن إلى الأم.» وهم يرون أن البنوة بالبنت أو الأخت أصح فيحرمون أبناءهم الإرث في سبيل أبناء بناتهم أو أبناء أخواتهم عادين إياهم ورثة لا جدال فيهم من ناحية الدم، والأمومة هي التي كانت تعين الحق في وراثة العرش لدى ملوك آل سنار إلى حين انقراض هؤلاء الآل منذ مائة سنة.

والبدوي يطهر أراضيه مرة في كل عام، وهو يقلم غصنا على شكل الشوك أو القرن من «شجر الوقد» ذي السنوف،

7

ويحدث ثقبا في غصن آخر ويدخل إليه ذلك الغصن المشذب حتى يتكون ضرب من الغبار الذي يدخن ويحترق فيستعمله في إشعال العشب اليابس باتجاه الريح، والنار تعم السهب في نصف ساعة فتفر الظباء، ولا يفكر النمر في فريسته، ولا يفكر النمر في غير إنقاذ حياته، وتبحث الأفاعي عن ملجأ، وتغدو الحشرات التي تحاول الاعتصام بشجيرات طعمة للوروار

ناپیژندل شوی مخ