** البحث الرابع : في كيفية العلم بالمعدومات (1)
اختلف الناس هنا ، فمنع منه قوم ، وجوزه آخرون ، وهو الحق.
لنا ، أنا نعلم حركاتنا الماضية وهي معدومة ، وكذا المستقبلة ، ونفرق بين ما نقدر عليها ، وبين ما لا نقدر وهو أمر ضروري.
احتج المانعون : بأن كل معلوم متميز ، وكل متميز ثابت ، وقد سبق بطلان ذلك ، إذا ثبت هذا ، فالمعدوم إما أن يكون بسيطا أو مركبا.
أما الأول ، فكعدم ضد الله تعالى ، وذلك إنما يعقل لأجل تشبيه بأمر موجود مثل أن يقال : ليس لله تعالى شيء نسبته إليه نسبة السواد إلى البياض ، فلولا معرفة المضادة الحاصلة بين أمور وجودية ، لاستحال (2) أن يعرف ضد الله تعالى. وإن كان مركبا كالعلم بعدم اجتماع السواد والبياض ، فالعلم به إنما يتم بسبب العلم بأجزائه الوجودية بأن يعقل السواد والبياض والاجتماع حيث يعقل ، ثم يقال : إن الاجتماع الذي هو أمر وجودي معقول غير حاصل للسواد والبياض. فقد ظهر أن عدم البسائط إنما يعرف بالمقايسة إلى الأمور الوجودية ، وعدم المركبات إنما يعرف بمعرفة بسائطها (3).
أما المعتزلة ، فقد اختلفوا ، فذهب البصريون إلى أن المعدوم يعلم على صفة هو عليها في حال عدمه يتعلق العلم بتلك الصفة ، وبها يماثل ما يماثل ويخالف ما يخالف.
مخ ۷۷