كون العرض في محلين ، وكون الجسم في مكانين ، وبيانها : أن المشاهد لنا من الأجسام إنما هي الأعراض ، فإذا جوزنا قيام العرض الواحد بمحلين جاز أن يكون العرضان المشاهدان في الجسمين عرضا واحدا ، وحينئذ يجوز أن يكون الجسمان واحدا ، لأنا إنما حكمنا بتعددهما بواسطة تعدد العرضين ، فإذا جوزنا وحدتهما انتفى دليل كثرة الجسمين فجازت الوحدة حينئذ.
وأيضا لو جاز أن يكون العرض القائم بهذا المحل هو العرض القائم بالمحل الآخر ، مع أنهما في حيزين متباينين بالتبعية لأن الإشارة إلى هذا العرض إنما يمكن بالإشارة إلى محله فإذا تعددت الأحياز والحيثيات والإشارات ، وأمكنت الوحدة جاز ذلك في الأجسام ، إذ لا مدخل لكون التحيز والإشارة بالذات أو بالعرض في هذا الباب. والملازمة في قياس العرض على الجسم لو سلم أنه قياس بين حلول العرض في محلين ، وبين اجتماع جسمين في حيز واحد ممنوعة ، والفرق ظاهر ؛ لأن المقتضي للمنع هنا كون المانع من وحدة الحيزين تمانع الجسمين ، لوجوب كونه ذا مقدار وكون حيزه مساويا له في المساحة ، وهذا المعنى مفقود في العرض.
** الوجه الثاني :
منه في جزء من موضوعه ، وذلك مسلم لا نزاع فيه ، وليس محل النزاع ، لأن المتنازع أن العرض الواحد مطلقا هل يحل في محلين بأن يكون بجملته حالا في محل ، وهو بجملته بعينه حالا في محل آخر. وما ذكرتموه ليس كذلك ، بل هو حلول أعراض متعددة في محال متعددة ، أطلق عليها اسم الوحدة باعتبار ما.
وإن حل العرض بجملته في محل ، وحل بجملته في محل آخر ، بحيث يكون الشيء الواحد بعينه موجودا في كلا المحلين ، لم يكن حال العرضين في الاثنينية
مخ ۲۹۶