الشَّهْوَة سَببا لنُقْصَان الْمعرفَة بِاللَّه تَعَالَى من أقطع الحماقات فَإِن الشَّهْوَة هِيَ الْحجاب الْأَعْظَم عَن الْمعرفَة عِنْد أهل الله تَعَالَى وَلَكِن هَذَا من ديدن هَذَا المعاند وقاعدته الَّتِي أوردته الْمَوَارِد وَهِي قَاعِدَة خَالف تعرف على مَا مر كثيرا وَيَأْتِي كثيرا فَإِنَّهُ لشدَّة ذكائه قصد تَحْسِين مَا أجمع على قبحه وتقبيح مَا أجمع على حسنه وكل شَيْء أفرط فِي نَوعه خرج عَن حد الإعتدال حَتَّى أَنه قد يباين نَوعه
وَمن هَذَا مَا قَالَ فَإِن الْعقل إِذا تجرد لنَفسِهِ من حَيْثُ أَخذه الْعُلُوم عَن نظره كَانَت مَعْرفَته بِاللَّه تَعَالَى على التَّنْزِيه لَا على التَّشْبِيه فَإِذا أعطَاهُ الله تَعَالَى الْمعرفَة بالتجلي كملت مَعْرفَته بِاللَّه تَعَالَى فنزه فِي مَوضِع وَشبه فِي مَوضِع وَرَأى سريان الْحق فِي الصُّور الطبيعية والعنصرية
وَمَا بقيت لَهُ صُورَة إِلَّا وَيرى عين الْحق عينهَا
أَقُول الْعقل إِذا تجرد عَن دواعي الشَّهْوَة فَأخذ الْعُلُوم أَخذهَا عَن نظره الصَّحِيح فَحصل بذلك لصَاحبه علم الْيَقِين فَإِذا أعطَاهُ الله تَعَالَى الْمعرفَة بالتجلي حصل بذلك عين الْيَقِين ثمَّ حق الْيَقِين وَوُجُود الشَّهْوَة لَا يُمكن قطّ أَن يكون سَببا أَو شرطا لتجلي الْحق بل هُوَ مَانع لَهُ بِإِجْمَاع أهل الشَّرِيعَة والحقيقة
فَكيف يكون سُقُوطهَا