انحى عليهم دهر بكلكله ... فأرسلوني إليك وانتظروا أشكو إلى الامير أصلحه الله سوء الحال. وقلة المال. وكثرة العيال وفيهم أفراخ زغب أكابر وهم أصاغر. كانوا في ظل النعمى وتحت جناح الغنى فكرت عليهم الأيام بارتجاع ما أعارت. واستلاب ما أفادت وألقت عليهم كلا كلها. وأنزلت بهم نوازلها وحين نبابهم عشهم. وضاق عليهم عيشهم. وقاسوا خطوبا تبعث خطوبا ونوائب تدع الوالدان شيبا. دلوني على الامير أيده الله بالآمال الواسعة. وأرسلوني إليه من البلاد الشاسعة وانتظروا عودي إليهم مورق العود. وافر الحظ من السعود موقر الركائب مثقل الحقائب. فان رأى أعلا الله رأيه ان يحقق ظنونهم ويقر عيونهم. ويخرجهم من الضيق إلى السعة ومن الانزعاج إلى الدعة فعل انشاء الله تعالى " اخرى في قول الشاعر "
ايهذا العزيز قد مسنا الضر ... جميعا وأهلنا أشتات
ولنا في الرجال شيخ كبير ... ولدينا بضاعة مزجاة
قل طلابها فصارت كسادا ... وتجارتنا بها ترهات
فاحتسب أجرنا واوف لنا الكيل ... وتصدق فأننا أموات
أيها العزيز اعز الله نصرك وأعلى أمرك. قد مسنا وأهلنا الضر وانحنى علينا الزمان المر وعمنا الاختلال والشتات. وتفرق منا البنون والبنات. ولنا شيخ كبير اخذ الزمان من جسمه وقوته كما اخذ من حاله ونعمته. وابتلاه الله بالعدم على الهرم فصرنا من ذوي المحال المنخفضة الدرجات. وأصحاب البضائع المزجاة والشأن في الكساد. الذي هو أخو الفساد. وسوء أثره على تجارة لنا يسيرة. وبلغة حقيرة. نقاسي منها قذى العيون وشجى الحلوق وغصص الصدور فاحتسب الأجر الجزيل. والشكر الجميل. بنظرة كريمة منك تحيينا ونحن أموات. وتنشرنا ونحن رفات. واحسن بنا ان الله مع المحسنين. وصلاته على النبي المصطفى محمد وآله أجمعين " اخرى في حل قول ابي عبد الله الخليع لابن طولون "
أنا حامد أنا شاكر أنا ناشر ... أنا جائع أنا راجل أنا عاري
هي ستة وأنا الضمين لنصفها ... فكن الضمين لنصفها بعيار
أطعم وأركب واكس ثم لك الوفا ... عند اختيار محاسن الاخيار
والعار في مدح لغيرك فاكفني ... بالجود منك تعرضي للعار
والنار عندي كالسؤال فهل ترى ... ان لا تكلفني دخول النار
أنا أطال الله بقاء سيدنا حامد له شاكر إياه ناشر فضله. ولكني جائع والجوع بلاء عظيم. وعذاب اليم. وراجل والرجلة مثلة. وعريان والعرى مذلة. وهذه صفات ست قد تضمنت نصفها. وضمنت كرم سيدنا شطرها. ليجري على شاكلته في الأنعام. بالإطعام. والإحسان. بقود الحملان. وتفخيم الرقعة. بالخلعة. وله مني الوفاء بحمد يحسن وصفه. ويطيب عرفه. وشكر كشكر الروض للمطر. والساري للقمر. ونشر كنشر المسك الأصهب والعنبر الأشهب. وليعلم اني أرى مدحي سواه. وتعرضي لجدواه. عاريا لا يغسله الاعتذار. ولا يعفيه الليل والنهار. كما اني اتصون النار في السؤال. وإراقة ماء الوجه عند الرجال. فان رأى أعلا الله رأيه ان يصونني عن العار. ولا يعرضني لدخول النار. فعل جريا على عادته في استعباد الأحرار. انشاء الله أخرى " في حل قول الشاعر لعلي بن عيسى "
أيا من زان أسباب الولايه ... ومن خص المكارم بالعنايه
ثيابي ملحم في يوم ثلج ... وحسبي لا اطول في الشكايه
من زانته الولاية أطال الله بقاء سيدنا فانه قد زانها بحسن شيمه. وعني بالمكارم حتى عدت من خدمه. والله يطيل بقاءه لاستثمار الشكر من غرس نعمه. وسيدنا أدام الله تأييده يراني في ثياب صيفية لعبت بها أيدي البلى ما لعبت. واكلت عليها صروف الدهر وشربت. وقد مد الشتاء رواقه. وحل البرد نطاقه. وعادت هامات الجبال شيبا. ولبست من الثلج ملأ قشيبا. ولا ازيد على هذا القدر من الشكايه. وان قاسيت من الشتاء اشد النكايه. والسلام " اخرى في حل قول الآخر "
اتيتك يا عقيل بلا اخاء ... ولا سبب يكون سوى الرجاء
مخ ۸