وهي طويلة سائرة لولا ان من معروف الرسوم والعادات. وصف الانسان نفسه للملوك والسادات. وذكره ما فيه من الفضيله. عند ابتغاء الوسيله. لما تمدح يوسف الصديق بن اسرائيل يعقوب بن الذبيح اسحاق بن الخليل ابراهيم عليهم افضل الصلاة والتسليم. حين قال للعزيز اجعلني على خزائن الارض اني حفيظ عليم. وهذه مقدمة للاعتذار إلى الامير أطال الله بقاه من مدح نفسي لحضرته. عند عرضها على خدمته. فاني حاجة من حاجاته والافاضل حاجات السلطان وكنز من كنوزه. والكفاة كنوز الزمان. وقد جمعت بحمد الله آلات الخدمة الملوكية. وحزت أدوات الاعمال السلطانيه. فيدي في الكتابة كالبرق. وقلمي فلكي الجري. وخطي كالروض غب المزن. وبلاغتي يقرب جناها ويبعد مداها. وكلامي في الترسل يؤنس مسمعه. ويؤنس مصنعه. ولي من الحساب خط اطبق به مفصل الصواب. وآخذ معه باطراف الآداب. واحل في النحو دقائق الاشكال وازيل معترض الاشكال. وقريحتي في الشعر غير قريحة وطبعي غير طبع وأبكار افكاري عرائس كسوتها القوافي وحليتها المعاني فهي تسير مسير الامثال. وتسرى مسرى الخيال. وعندي من الشفقة والنصيحة. ما هو ثمرة العقيدة الصحيحة. ومن الموالاة والمشايعة. ما يستوفى على حقوق المبايعة. ولي خلقة سوية. وصورة مقبولة. وسجايا معسولة وشمائل خفيفه. وهي في ميزان الفضل ثقيلة. ولست بالنحيف القضيف المحتقر ولا بالضخم الفخم المشتهر. ولست بالطويل المربي على الطوال. ولا بالقصير الخارج عن حد الاعتدال ولست بالناسك البارد. ولا الفاتك المارد. ولا بالمتعفف المتقشف ولا بالخليع المتكشف. فانا اشوب الحصافة باللطافة والتوقر بالتوقد وازين الصباحه. بالفصاحه. والخفة بالرجاحة. واجمع بين جد العلماء والحكماء وهزل المجان والظرفاء. ولا اخلو من آداب الديوان والميدان. ومحاسن الكتاب والفرسان. ولا يعدم لدى الرأي أرى بأوائله أواخر الأمور. واكشف عن مبهماتها أغطية الستور. فأنا مرة عمدة الأمراء. وعدة الروساء. وتارة ريحانة الندماء. وشمامة الظرفاء. وطورا يساغ بي مرارة الكؤوس ويستمد من عشرتي مسرة النفوس. وتارة أعطي الجهاد. أوفى حظوظ الاجتهاد. واطبع حكم الجلد في صدق الجلاد. وتارة أمد يد الهزل فلا انطق في الجد بحرف. ولا استتر من السخف بسخف. وليس بصري بادارة رحا الحرب. والهاب جمرة الطعن والضرب. وطحن الأعداء كطحن الحب. دون بصرى بالخروج في العشرة من القشرة. واطلاع كواكب الندمان وانطاق ألسن العيدان واستمطار سحاب الأنس. وفض ختام اللهو ولا معرفتي بالخيل الجياد. والنصول الحداد. والقسى الشداد دون معرفتي باغصان القدود. وتفاح الخدود. ورمان النهود ولا ما عندي من أخبار العرب والعجم. وصناف العلوم والحكم وآداب السيف والقلم. بأقل مما عندي من الخرافات الملاح وفكاهات المزاح. التي هي أطيب من الريحان والراح والتفاح. وما أشبه في المحاضرة بها والاتقاد في حسن العبارة عنها إلا بشعلة المصباح. والجلجل الصياح. ثم لي في الصيد من يمن الطير وقضاء الوطر. وتحصيل الظفر. ما يحسن عند الملوك أثره. ويطيب لديهم ثمره. وحقيق على الامير ان يتقبل من جمع تفاريق هذه المحاسن بقبول حسن. ويطوقه قلادة من منن. وان يستخلصه لنفسه. ويتخذه لجده وهزله. فان شاء عمر به مجالس انسه وان شاء رتق به فتوق ملكه. وان أراد استخصه لمجالسته ومؤانسته. وان أراد استكفاء طرفا من اطراف مملكته وان احب فوض إليه تهذيب أعماله. وتثمير أمواله. وان احب انتضى منه سيف الضريبه. وابرز ليث الكتيبه. ليجد عنده في جميع هذه الأحوال والشؤون. ما يحقق احسن الظنون. وقد تعرفت إلى الامير بجهدي. ووصفت له ما عندي. فان بعثه المشهود من كرمه. وحسن شيمه. وعلو هممه. على قبولي وتحقيق مأمولي. كنت الصنيعه. الذي يحفظ الوديعه. والخادم الذي يشكر المكارم. وان ادرجني في أثناء الغفله. وطواني في ادارج الجفوه ففي الارض العريضة عمن ضاق ظله متجول. وعلى الله ثم على الملك خوارزم شاه اعز الله نصره معول. وسا ذوع بأملي إلى حضرته التي هي كعبة الآمال. ومحط الرحال وقبلة الأفاضل من الرجال. وملجأ الملوك المضطهدين ومهرب السادة الممتحنين. واضرب بسهم في الاقتباس من نورها. والاغتراف من بحرها. واستظهر بحسن حالي بما يلوح على من سعدها فان كنت من الأكابر. فلي في عدنان الهروى أسوة وان كنت من الأصاغر. فلي بابن الثعلبي النيسابوري قدوة والسلامي النيسابوري قدوة والسلام " اخرى في حل قول مروان بن ابي حفصة "
لو مس بالكف عودا يابسا نخرا ... لاهتز اخضر حتى يطلع الثمر
تراك لا والقني وارجع وسوف وعد ... ما قال هذا وما فيه له وطر
لكن يقول نعم وابشروهاك وخذ ... هذا اقر له في فضله البشر
لو ان كتاب خلق الله كلهم ... نعم وحسابهم جاؤك فابتدروا
أن يحسبوا أو يخطوا عشر ما وهبت ... كفاك يوما من الأيام ما قدروا
أبقى الله مولانا الملك خوارزم شاه للكرم والجود. فهو الذي لو مس عودا يابسا لعاد الماء في العمود. حتى يهتز وينور. ويخضر ويثمر. وهو الذي لا يجري على لسانه كلمات الرد. وألفاظ الوعد. مثل لا وسوف وعد غدا أو بعد غد. لكن قوله لسائله وطالب نائله. نعم وابشروهاك. والغنى قد أتاك. وخذ هذا وذاك. فلو ان كتاب الارض وحساب الخلق اجتمعوا على ان يكتبوا عطاياه. ويحسبوا هداياه. لما قدروا على ضبط العشر مما تهب كفاه. فدامت له علاه. وفداه من عاداه " أخرى في حل قول الفرزدق " " في يزيد بن المهلب لما عزل عن خراسان "
أبا خالد ضاعت خراسان بعدكم ... وقال ذوو الحاجات أين يزيد
فما لسرير الملك بعدك بهجة ... ولا لجواد بعد جودك جود
فلا مطرت بالشرق بعدك مطرة ... ولا اخضر بالمروين بعدك عود
أنا أطال الله بقاء الامير أرثي لخراسان فقد حدثت بها الأحداث. وعمها من بعده الالتياث. واختلت امورها. وضاعت ببعده ثغورها. وتنكرت معارفها مذ صارت بغير رسمه. وكادت منابرها تبكي لفقد اسمه. وقال أبناء الحاجات. وأصحاب الطلبات. يالهفي على يزيد وايجابه. لواردي بابه. وحسن اجابته لقاصدي جنابه. ويا أسفي على ذلك الشرف العميم. والخلق العظيم. والطبع الكريم والنائل الجسيم. فما لسرير الملك مع غيبته بهجة. ولا للكرم بخراسان بعده مهجة. واذ قد زال عنها ظله الظليل وفارقها فضله الجزيل. فلا مطرتها مطرة. ولا قطره. ولا اخضر بالمروين عود. ولا عاد إليهما عيد. ولئن عظمت المصيبة بعزله. فانه لم يعزل في سلطان فضله. ولئن صرف عن خراسان فانه لم يصرف عن الإحسان. والسلام " اخرى في حل قول ابي اسحاق الصابي في المهلبي الوزير "
له يد برعت جودا بنائلها ... ومنطق دره في الطرس ينتشر
فخاتم كامن في بطن راحتها ... وفي أناملها سحبان يستتر
" وقول الآخر "
له سحائب جود في أنامله ... أمطارها القضة البيضاء والذهب
" وقول علي بن جبلة في ابي دلف "
أبا دلف ان السماحة لم تزل ... مغللة تشكو إلى الله غلها
فبشرها ربي بميلاد قاسم ... فارسل جبريلا اليها فحلها
أبقى الله مولانا الملك خوارزم شاه. وعين الله على يده العالية إذا كتبت. ولا زالت عليها واقية باقية إذا وهبت. فهي التي يفيض من أناملها بحار تلفظ اللؤلؤ والمرجان. وينشأ من راحتها سحائب تمطر اللجين والعقبان. فكأن فيها سحبان يسحب ذيل فصاحته وحاتما يقيم رسم سماحته. ولا غرو أن يكون الجود حليفه. وخليله واليفه. ولم يزل أسير حبس قد اغلق رتاجه. وسمير غل قد ضعف علاجه. فبشره الله بميلاد الملك الميمون. مأمون بن مأمون.وارسل جبريل فحل غله وشفى غلته. وازاح علته. وانطق لسانه بالحمد لمن فك اسرا. وجعل بعد عسر يسرا. وبالشكر لمن اخرجه يمن مولده. وسعادة مورده. من ذلة الرق إلى عزة العتق. ومن تصلية الجحيم. إلى جنة النعيم. فلا عدمت الدنيا الجمال بمن الجود من عتقائه. وشاكريه. واوليائه. وادام الله له أيامه للمكارم والآداب. ما استحسن برد الشباب واستطيب برد الشراب.
" اخرى في حل قول الشاعر "
إذا ما أتاه السائلون توقدت ... عليه مصابيح الطلاقة والبشر
له في ذوي المعروف نعمي كأنها ... مواقع ماء المزن في البلد القفر
" وقول مروان بن ابي حفصه "
يا من الجود صاغ الله راحته ... فليس يعرف غير البذل والجود
عمت عطاياك من في الارض قاطبة ... فأنت والجود منحوتان من عود
مخ ۶