241

قلنا: لو كان ثمة قرينة ما كان كلا من هؤلاء الثلاثة في الوجل من هذا الانذار على السواء (1). على انه لا فرق في هذه المشكلة بين عدم البيان واختفائه بعد صدوره لاتحاد النتيجة فيهما بالنسبة الينا، إذ لا مندوحة لنا عن العمل بما يوجبه العلم الاجمالي من تنجيز التكليف في الشبهة المحصورة على كلا الفرضين. فان قلت: انما كان المنصوص عليه بالنار منهم مجملا قبل موت الاول والثاني ولسبقهما إلى الموت تبين وتعين أنه انما هو الباقي بعدهما بعينه دون سابقيه وحينئذ لا اجمال ولا اشكال. قلنا. أولا: أن الانبياء عليهم السلام كما يمتنع عليهم ترك البيان مع الحاجة إليه يستحيل عليهم تأخيره عن وقت الحاجة، ووقت الحاجة هنا متصل بصدور هذا الانذار لو كان لواحد من الثلاثة شئ من الاعتبار، لانهم منذ أسلموا كانوا محل ابتلاء المسلمين في الحقوق المدنية شرعا كالامامة في الصلاة جماعة، وقبول الشهادة في المرافعات الشرعية ونحوها، وكالافتاء والقضاء، مع استجماعهم لشروطهما، ونحو ذلك مما يشترط فيه العدالة والورع فلولا وجوب اقصائهم عنها ما أخر صلى الله عليه وآله البيان اتكالا على صروف الزمان، وحاشا لرسول الله صلى الله عليه وآله أن يقصي أحدا عن حقه طرفة عين، ومعاذ الله أن يخزي من لا يستحق الخزي ثم يبقيه على خزيه حتى يموت مخزيا إذ لا نعرف براءته - بناء على هذا الفرض الفاسد - الا بتقدم موته. وثانيا: أنا (شهد الله) بذلنا الطاقة بحثا وتنقيبا فلم يكن بالوسع ان نعلم أيهم المتأخر موتا، لان الاقوال في تاريخ وفياتهم بين متناقض متساقط (2) وبين

---

(1) كما يعلمه متتبعوا شؤونهم حول هذا الوعيد (منه قدس). (2) أما تناقضها فلان بعضها نص بموت سمرة سنة ثمان وخمسين وموت أبى هريرة =

--- [224]

مخ ۲۲۳