195

فأخذاه وأدخلاه فسطاطا وكفا أباه عنه. ثم قال سهيل: يا محمد قد تمت القضية ووجبت بيني وبينك قبل أن يأتي ابني اليك. قال: صدقت. وحينئذ قال صلى الله عليه وآله لابي جندل. اصبر واحتسب فقد تم الصلح قبل أن تأتي، ونحن لا نغدر وقد تلطفنا بأبيك فأبى، وان الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا. وهنا وثب عمر بن الخطاب إلى أبي جندل يغريه بقتل أبيه، ويدني إليه السيف. قال عمر - كما في السيرة الدحلانية وغيرها -. رجوت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه وجعل يقول له: أن الرجل يقتل أباه، والله لو أدركنا آباءنا لقتلناهم، لكن أبا جندل لم يجبه إلى قتل أبيه خشية الفتنة (1) وعملا بما أمره به رسول الله صلى الله عليه وآله من الصبر والاحتساب (2) وقال لعمر. مالك لا تقتله أنت ؟ قال عمر. نهانا رسول الله عن قتله وقتل غيره (3) فقال أبو جندل. ما أنت أحق بطاعة رسول الله مني (4). ورجع مع أبيه إلى مكة في جوار مكرز وحويطب فأدخلاه مكانا وكفا

---

(1) إذ لو قتل يومئذ سهيل لكان بين قريش والمسلمين فتنة تجتاحهما جميعا ويكون شرها مستطيرا فالحمد لله على العافية (منه قدس). (2) لا يخفى ما في اغراء أبى جندل بقتل أبيه من المعارضة لرسول الله صلى الله عليه وآله في أمره أياه بالصبر والاحتساب (منه قدس). (3) لا يخفى ما في اغراء أبى جندل بقتل أبيه من معارضة رسول الله صلى الله عليه وآله في نهيه اياهم عن قتل سهيل وغيره، فهنا معارضتان لرسول الله صلى الله عليه وآله احداهما في أمره، والثانية في نهيه (منه قدس). (4) ولابي جندل هذا أخ هو عبدالله بن سهيل بن عمر، كان اسلامه سابقا على اسلام شقيقه أبى جندل، لان عبدالله خرج مع المشركين إلى بدر، وكان قبل ذلك مسلما لكنه كتم اسلامه حتى أتى بدرا فانحاز فيها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وشهد معه بدرا والمشاهد كلها، أما أبو جندل فأول مشاهده الفتح (منه قدس).

--- [178]

مخ ۱۷۷