٦ في شعره من مقتبسات الكتب المقدسة ما تفرد به كعدي بن زيد. فإن له أوصافًا عديدة للأحداث الكتابية وللعقائد الدينية كوصفه الجميل للعزة الإلهية والملائكة والدينونة والحجيم والنعيم وبشارة العذراء ومولد المسيح العجيب ما يدل صريحًا على تنصره. على أننا نقر بأن في أخباره اضطرابًا لبعد عهد الرواة عن زمانه.
ثالثًا شعراء مضر
لم تنتشر النصرانية في مضر بن نزار وقبائله انتشارها في قبائل أخويه ربيعة وإياد على أننا وجدنا أيضًا عدة آثار تنبئ بدخول النصرانية في أحياء كثيرة منها كبني عقيل الذين غلبت عليهم النصرانية وبني تميم وعبس وذبيان وقيس عيلان وناجية.
وقد أوردنا على ذلك شواهد في ما سبق في باب القبائل المتنصرة وذكرنا بعض الأديرة المشيدة بينها.
١ بنو تميم
روينا أخبار وأشعار خمسة منهم أعني: ١ عدي بن زيد (شعراء النصرانية ص٤٣٩ ٤٧٤) .
٢ الأسود بن يعفر (شعراء النصرانية ٤٧٥ ٤٨٥) .
٣ سلامة بن جندل (شعراء النصرانية ٤٨٦ ٤٩١) .
٤ أوس بن حجر (شعراء النصرانية ٤٩٢ ٤٩٧) .
٥ علقمة الفحل (شعراء النصرانية ٤٩٨ ٥٠٩) .
عدي بن زيد بإقرار كل الكتبة كان نصرانيًا من أسرة نصرانية في خدمة ملك نصراني من ملوك الحيرة. وفي شعره من الآثار الدينية ما لم يرو عن غيره إلا عن أمية بن أبي الصلت. ففيه روايات من الأسفار المقدسة.. وقد حلف بالبشر أي القربان وبالصليب. وفي أخباره ذكر دخوله الكنائس إلى غير ذلك.
وكان الأسود بن يعفر التميمي من سادة قومه ونادم النعمان كعدي بن زيد وعاش بين نصارى الحيرة وكانت بنو عجل النصارى أخو إله.
وكذلك سلامة بن جندل الذي نشرنا ديوانه سنة ١٩١٠ فإنه كالأسود بن يعفر عاش في جهات الحيرة التي كانت عمت النصرانية كل أنحائها وعاشرا قومًا من النصارى كتغلب والعباديين وفي شعره تلميح إليهم. ولا أثر لكليهما في قصائدهما إلى شيء من الشرك وعلى خلاف ذلك. وردت في شعر سلامة تشابيه وإشارات نصرانية كذكره لداود النبي بمخطوطات النصارى المنمقة وبملابس العباديين.
وقد جعلنا أيضًا أوس بن حجر في جملة النصارى وهو أحد الذين أطلقهم من الأسر بسطام بن قيس رئيس شيبان النصراني بعد ظفره بتميم فمدحه أوس لكرمه. ومن تشابيهه النصرانية قوله يشبه لميع رمحه بمصباح رئيس النصارى يوم عيد الفصح:
عليهِ كمصباح العزيز يشبُّهُ ... لفصحٍ ويحشوهُ الذُّبال المفتَّلا
وعلقمة بن عبدة التميمي كان مداحًا لملوك غسان النصارى وله محاضرات مع امرئ القيس والزبرقان بن بدر الشاعرين النصرانيين. وفي شعره إشارة إلى كأس قربان النصارى ومفعولها الصالح دون الأذى بشاربها قال في وصفها:
كأسُ عزيزٍ من الأعتابِ عتَّقها ... لبعض أحيانها حانيَّةٌ حومُ
تشفى الصداعَ لا يؤذيك صالبها ... ولا يخالطها في الرأس تدويم
قال الشارح: "العزيز كبير النصارى وقوله "لبعض أحيانها" أي أعدها لفصح أو لعيد".
٢ عبس وذبيان
عبس وذبيان أبوهما بغيض بن غطفان يتصلان به إلى الياس بن مضر بن نزار وقد وقعت بينهما حروب كما جرت بين بكر وتغلب وقد نوهنا بولوج النصرانية في أحيائهما (ص١٣٤) وقد ذكرنا من عبس أربعة شعراء: ١ الربيع بن زياد (شعراء النصرانية ص٧٨٧ ٧٩٣) .
٢ عنترة بن شداد (شعراء النصرانية ٧٩٤ ٨٨٢٩) .
٣ عروة بن الورد (شعراء النصرانية ٨٨٣ ٩١٦) .
٤ قيس بن زهير (شعراء النصرانية ٩١٧ ٩٣٢) .
ومن ذبيان أوردنا ترجمتي وقصائد شاعرين وهما: ١ النابغة الذبياني (شعراء النصرانية ٦٤٠ ٧٣٢) .
٢ الحصين بن الحمام (شعراء النصرانية ٧٣٣ ٧٤٥) .
الربيع بن زياد أحد أعيان بني عبس كان من ندماء النعمان بن المنذر ملك الحيرة مع سرجون بن توفيل وغيره من النصارى كما روى صاحب الأغاني وفي ذلك دليل على أنه يدين بدينهم وفي أخباره أدلة على توحيد وكرم أخلاقه.
أما عنترة فكانت أمه حبشية والحبش نصارى كما هو معلوم. وفي شعره الصحيح والمصنوع آثار عديدة دالة على توحيده وآدابه ودينه. وفي ذلك ما يدل على نصرانيته لأن التوحيد قبل محمد لم يشع في جزيرة العرب ألا بفضل النصرانية. وزد على ذلك أنه كان في خدمة الملك زهير وابنه قيس النصرانيين.
1 / 200