فعلم الناسخ والمنسوخ والمبدل، عصمة لأهله فيه من الهلكة والجهل، ونسخ الآية - هداكم الله - وتبديلها، فقد يكون تصريفها بالايضاح والتبيين وتنقيلها، لتبين في عينها، بإيضاحها وتبيينها، لا نسخ بقصر ولا وهم ولا اختلاف، ولا تبديل بدا ولا تعقب ولا اعتساف، وكيف والله يقول سبحانه: { لا مبدل لكلماته} [الأنعام: 34، 115، والكهف: 27] . ويقول تبارك وتعالى: { لا معقب لحكمه } [الرعد: 41]. ويقول: { ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا } [النساء: 82]، فكفى بهذا فيما قلنا به هداية ودلالة وتعريفا والحمد لله وتبصيرا.
ولو كان التبديل للآية والنسخ لها هو غيرها، لكانت إذا الآيات منسوخة مبدلة كلها، فالنسخ للآية والابدال، ليس هو الافناء للآية والابطال، لأن الآية لو أفنيت وأبطلت، إذا نسخت وبدلت، لما قيل: بدلت ونسخت، ولقيل أبطلت الآية وأفنيت، وأبدلت آية أخرى غيرها وأنشئت !! ألا ترى أن الآية لا تكون مبدلة ولا منسوخة، إلا وعينها قائمة بعد موجودة، لم تفن وإن بدلت ولم تبطل، وإن بطل وفني بعض صفات المبدل، أولا ترى أنك لو نسخت شيا، لم يكن نسخك له مفنيا، ولم تكن له ناسخا أبدا، إلا بأن ترده بعينه ردا، فإن جئت بضده وغيره، لم تكن ناسخا له بعينه، فالآيات كلها أمثال وأخبار، وأمر من الله جل ثناؤه وازدجار، وذلك كله من الله في أنه حق وصدق واحد غير مختلف، ولا متفاوت وإن نسخ وبدل وصرف، بالنسخ له، والتبديل ونقل كله، أمر من الله ونهي، وتنزيل من الله ووحي.
مخ ۳۸