قوله: (إلا مع اسم جنس، واسم الإشارة، والمستغاث والمندوب) أي لا يجوز حذفه مع هذه، هذا مذهب البصريين(1)، ومراده باسم الجنس ما كان نكرة قبل النداء سواء تعرف بالنداء نحو(يا رجل) أولم ك(يا رجلا) وسواء كان مفردا، أومضافا إلى نكرة، نحو(يا غلام الرجل) أومشبها به ك(يا طالعا جبلا) و(يا ضاربا زيدا) وإنما لم يجز حذفه مع اسم الجنس(2)، لأن قولك (يا رجل) أصله (يا أيهذا الرجل) و(يا أيها الرجل) فحذف الألف واللام اشتغناء عنها ب(يا) وحذفت أي واسم الإشارة، لأنه إنما أتى بهما وصلة إلى ما فيه الألف واللام، وقد زال المتوصل إليه، فلا حاجة إلى التوصل فبقي (يا رجل) فكرهوا أن يحذفوا حرف النداء، فبخلوا بحذف أشياء كثيرة، في العلم المضاف إلى معرفة و(أي)لم يحذف إلا حرف النداء فقط، ورجع فيها التعريف بخلاف (رجل) فإنه بعد الحذف لا تعريف فيه، فأدى إلى بقائه فيها. قوله: (والإشارة) يعني كذلك لا يجوز حذف حرف النداء معها، لا تقول: (هذا)، لئلا يلتبس بالمبتدأ، ولزوال التعريف، فإن قيل إنه يرجع إلى ما كان من قبل، وهوتعريف الإشارة، فجوابه: أن تعريف الإشارة مبهم، وتعريف النداء قصد، فاختلف التعريفان، قوله: (والمستغاث والمندوب) يعني لا تقول: (زيدا) بحذف حرف النداء، لأن المراد بهما التطويل، والجواز، ولهذا زيد في آخرهما ألف، ولم يرخما، فلوحذفت حرف النداء تنافى معناهما، وأما الكوفيون(3) فأجازوا حذف حرف النداء من المنادى مطلقا، واحتجوا بقوله تعالى في الإشارة: {هاأنتم أولاء تحبونهم}(1) وفي الجنس يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله: ((اشتدي أزمة تنفرجي)) (2).
وقوله في المثل: (وشذ: أصبح ليل(3) وأطرق كرا(4)، وافتد مخنوق) والبصريون يتأولون الآية، بأنه مبتدأ، بأن الحديث يروى بالمعنى، وأما الأمثال فشاذة، وقال بعضهم: إنهم يشهرونها بالشذوذ لتسير في الآفاق، وأصل المثل، في (أصبح ليل) لأم جندب زوج امرئ القيس تبرما به، لأنه كان مبغضا للنساء، وهويضرب مثلا في شدة طلب الشيء، وروي أنه سألها عن سبب فركهن له(5) فقالت له: لأنك ثقيل الصدر خفيف العجر، سريع الإراقة، بطيء الإفاقة، وأما (أطرق كرا) ففيه شذوذان ؛ أحدهما: أنه حذف حرف النداء من اسم الجنس، والثاني ترخيم النكرة، لأن أصله (كراون) فرخم بحذف الألف والنون، وقلبت الواوألفا على اللغة القليلة، وقد قيل إن (كرا) غير مرخم وهواسم لذكر (الكروان) وأصل المثل(6) أنه رقية لصيد (الكرا) يقولون: (أطرق كرا إن النعام في القرى)(7) ما إن رأى هذا (كرى) وصار مثلا لمن
مخ ۳۲۱