البحث الثالث في أن الإمام يجب أن يكون عالما بكل الدين مرادنا بذلك أنه عالم بالأحكام الكلية من الدين بالفعل وأما الأحكام الجزئية المتعلقة بالوقائع الجزئية فله ملكة أخذ تلك الأجزاء من القوانين الكلية من موادها متى شاء وأراد، ومعنى ذلك أنه يكون متمكنا من استنباط كل حكم في كل صورة صورة متى شاء.
وأطلق بعض أصحابنا القول بأنه يجب أن يكون عالما بكل الدين ولم يفصلوا، فإن كان مرادهم ما ذكرناه من التفصيل فهو حق، وإن كان المراد أنه يجب أن يكون عالما بجميع قواعد الشريعة وضوابطها وقوانينها، ثم بجزئيات الأحكام المتعلقة بالحوادث الجزئية التي يمكن وقوعها على سبيل التفصيل، فليس الأمر كذلك، وبرهان فساده: أن الجزئيات التي يمكن وقوعها كالمسائل الجزئية الواقعة في كل باب من أبواب الفقه والتي يمكن وقوعها غير متناهية، وما لا نهاية له يستحيل تعلق علم الانسان به على سبيل التفصيل دفعة، والمقدمتان نظريتان، وما كان محالا استحال أن يكون شرطا في صحة الإمامة، وبالله التوفيق.
مخ ۶۷